كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الاشعري: «أما بعد فإن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته وإن أشقى الرعاة من شقيت به رعيته، فإياك أن تزيغ فيزيغ عمَّالك ويكون مثلك مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض فرَعت فيها تبتغي بذلك السِمَن وإنما سِمَنُها في حتفها والسلام». وإنما فعل هذا كلَّه عمر رضي الله عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة وحسن الرعاية لم يرح رائحة الجنة». [هذه النصيحة من عمر رضي الله عنه يحتاجها كل مدير ومسؤول، حتى يتعاملوا مع الموظفين الذين تحت أيديهم ويحرصوا على إكرامهم والابتسامة والأخلاق الحسنة معهم، ويعطوهم حقوقهم كاملة، وألا يستغلَّ الفرص لنفسه أو لمصالحه الشخصية حتى يكوِّن نفسه ويحسِّن وضعه عن طريق هذا المنصب، فيكون كما قال عمر «مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض فرعت فيها تبتغي بذلك السمن وإن سمنها في حتفها». فكم من رصيد كان سبباً في حتف صاحبه بأن استحق اللعنة بالرشوة والربا والتساهل في الأموال العامة، وأصيب بدعوة مظلوم كان بها هلاكه، (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ،فعلينا محاسبة أنفسنا، وأن نحرص على أن نكون كما في قول الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}.