كثيراً ما نسمع ونقرأ عن كُتب أجنبية، بدأت بطبعاتٍ بسيطة، ثم تطور الأمر حتى أصبح انتشارها عالمياً، ودُفعت المبالغ الطائلة ليتم تحويلها إلى أفلام سينمائية ضخمة، تبهر العالم، ويُجنى منها ملايين الدولارات. كذلك شاهدنا العديد من الأفلام السينمائية، وبعد ذلك اكتشفنا أنها قصة مستوحاة من كتاب، أو ربما تكون رواية كاملة لكاتب أجنبي. لكن لم نسمع عن كاتبٍ عربي ألَّف كتاباً أو رواية وانتشرت عالمياً، أو تحولت إلى فيلمٍ سينمائي! لا أعرف ما السبب؟ لكن سأضع مشكلة، وفي تصوري أنها السبب في ذلك.. (ربما لأننا ألفنا التكرار، وأصبحت كتبنا عبارة عن نقولات وتجميعات، يكتب المؤلف عليها اسمه). لا أتكلم هنا عن الكتب الشرعية، بل أتكلم عن الكتب الأدبية والاجتماعية والفكرية، وحتى الروايات التي أصبحت اليوم تُرص على رفوف المكتبات بغلافٍ فخار وورقٍ مصقول، لكن المحتوى واحد. وحتى لا نظلم بعض الكُتاب، فهناك مبدعون بتأليفاتهم، ولكن نسبتهم قد لا تتجاوز 1 % مما يتم تأليفه سنوياً. جوان رولينج مؤلفة سلسلة الروايات الأشهر حول العالم «هاري بوتر» فُجعت بموت أمها، وتأثرت نفسيتها كثيراً، وعاشت حالة من الإحباط والعزلة.. وبينما هي في رحلة العودة من مانشستر إلى لندن عبر القطار بدأت التفكير بكتابة روايتها الشهيرة. لم تكتفِ بالتفكير، وإنما بدأت العمل بعد رحلتها مباشرة. وبعد فترة انتهت من كتابة روايتها، ثم قامت بعرضها على دور النشر، ولكن تم رفضها كثيراً، لكنها أصرت واستمرت بالبحث حتى وجدت إحدى دور النشر الذي قبل بها بشرط ألا تكتب اسمها كاملاً على الرواية؛ حتى لا ينفر القراء منها (لأنها غير معروفة)، فوافقت، وتم طباعة الكتاب فكان أول جزء «هاري بوتر وحجر الفيلسوف»، الذي حقق نجاحاً باهراً لم تكن المؤلفة تتوقعه، وتوالت الأجزاء حتى ألَّفت (7) كتب، استطاعت أن تحولها إلى فيلم سينمائي ضخم بأجزاء عدة، حققت منه الملايين من الدولارات. وقد بيع من كتبها أكثر من 300 مليون نسخة حول العالم. واستطاعت رولينج أن تبني إمبراطورية عظيمة، حققت منها ما يزيد على المليار دولار حسب مجلة فوربس 2004. لماذا نجحت؟ لأنها استطاعت أن تبتعد عن الروايات المألوفة لدى الناس، وأتت بشيء جديد؛ فاستطاعت أن تحقق ما تريد. كذلك رواية «كاري»، ألَّفها ستيفن كينج، وعرضها على دور النشر، لكنها قوبلت بالرفض الشديد بسبب أنها رواية عن الخيال العلمي، ولن يتقبلها القارئ. واستمر ستيفن بالبحث، ولكن لا فائدة. لم يحتمل ستيفن الرفض المتكرر والاستهزاء والكلمات المحبطة؛ فرمى روايته في الزبالة، لكن زوجته أخذتها، وبدأت البحث حتى استطاعت أن تقنع إحدى دور النشر بطباعتها، فتم له ما يريد، وبيع منها أكثر من (4) ملايين نسخة، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي ضخم، حقق نجاحاً مدوياً.. النجاح يولد من رحم المعاناة. لتنجح وتصل إلى القمة لا يتوجب عليك أن تخترع شيئاً جديداً، كل ما عليك هو أن تضيف فكرة جديدة إلى ما هو موجود؛ لتُبهر به العالم، وتلفت لك الأنظار. إلى اللقاء.