أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجيَّة دعوة المملكة العربيَّة السعوديَّة الدائمة والراسخة لإرساء مبادئ المساواة والتكافؤ بين الإرادات الإنسانيَّة كافة وتعزيز القيم والمبادئ الإنسانيَّة بوصفها قواسم مشتركة بين أتباع الأديان والثقافات، متمنيًّا أن يكون الحوار العالمي جسرًا ممدودًا لهذا الاحترام والتعايش، لافتًا النظر إلى أن جميع المبادرات التي تطرحها المملكة من أن الآخر يهدف إلى تحقيق هذا الاحترام والتعايش والخير للإنسانيَّة بأسرها عبر إستراتيجية منهجية واضحة وآليات واقعية. وقال سموه خلال كلمته في افتتاح أعمال الجلسة الأولى في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر العالمي «صورة الآخر» تحت عنوان «التَّعليم المشترك لأتباع الأديان والثقافات» التي شارك فيها أعضاء المجلس الوزاري ممثلو مجلس الأطراف بالمركز: أنقل لكم تحية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- للمشاركين في أعمال المؤتمر وتمنياته أن يوفق جهودهم في تقديم عمل معرفي متميِّز يثري الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وأضاف سمو نائب وزيرالخارجيَّة: لقد جئت من المملكة بعد أيام معدودات من انتهاء موسم الحج، الذي يُعدُّ أكبر تجمع للسلام تعرفه الإنسانيَّة حيث يجتمع ملايين المسلمين ويتحرَّرون من كل القيود المادِّية في مشهد يجسِّد أرقى معاني المساواة والتسامح والسَّلام والمحبة لمختلف الأمم والشعوب لإشارككم الرأي والرؤية من أجل حوار موضوعي يحقِّق التقارب والتفاهم بين كل أتباع الأديان والثقافات. وبيَّن سموه أن التسامح والفضائل مثل وقيم دعت إليها كل الأديان والثقافات، مشيرًا إلى أن الدين براء من كل الصراعات والنزاعات التي تمارس باسمه نتيجة للجهل بمقاصد الدين من قبل البعض أو نتيجة لصورة سلبية ترسخت لدى أتباع الأديان عن غيرهم. وقال سموه: يجب ألا نغفل الدور السلبي لما يكتب أو ينقل من صور سلبية عن أتباع الأديان والثقافات ولاسيما ما يتم من خلال المناهج التي يدرسها الناشئة أو من خلال كتب التاريخ، مؤكِّدًا ضرورة عدم القبول أو التسليم بهذه الممارسات السلبية العدائية، وكذلك ضرورة السعي لمعرفة الآخر وهو الأمر الذي تحقق وأثمر من خلال حركة الترجمة التي لازمت عصور نهضة الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة وعم نفعها دول أوروبا. وأوضح سمو نائب وزير الخارجيَّة، أن جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالميَّة للترجمة -التي تُعدُّ إحدى مبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتواصل الإنساني والمعرفي مع الآخر من غير الناطقين باللغة العربيَّة، تأتي في إطار العمل على خلق آفاق جديدة للتعاون والبناء لردم الفجوة بين المفاهيم والقيم الدينيَّة والثقافيَّة والإفادة من طاقات الباحثين والمختصين في مجال التربية والتَّعليم والمؤسسات الثقافية في مناقشة الإيجابيات والسلبيات ذات العلاقة بصورة الآخر وبحث أفضل السبل لتصحيح القصور فيها بما يثري الحوار الهادف البناء بين أتباع الأديان والثقافات ويحقِّق الالتقاء حول القواسم المشتركة والقيم الإنسانيَّة النبيلة وإرساء قيم العدل والسلام. وأكَّد سموه أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات التي انطلقت من المملكة وباسم جميع المسلمين، ليتفاعل الجميع في رحاب ثقافة وسطية ترفض التطرف وتؤمن بالاعتدال، بقدر ما ترفض الانحلال وتحقق التوازن بين جوانب التقدم المادي وحاجات الإنسان الروحية وتعلي من قيم التسامح والإخاء وتعزِّز الاحترام والحفاظ على قدسية المواقع والرموز الدينيَّة والأخلاق، وتفتح آفاقًا للتعاون في مواجهة مشكلات الفقر والحفاظ على البيئة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعيَّة، مؤكِّدًا أن هذه المبادرة توّجت بافتتاح مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات العام الماضي ليكون كيانها المؤسسي والحاضنة العالميَّة لمثل هذه المبادرات الإنسانيَّة الرائدة التي تؤكد حضور المملكة المعهود عنها على الساحتين الإقليميَّة والدوليَّة وإيمانها بما يشكله التنوع الثقافي من رافد للإنسانيَّة لتقود المملكة المنطقة العربيَّة المعروفة بتنوع أديان أبنائها ومذاهبها وأعراقها قاطرة الحوار، وتُؤكِّد على حاجة المنطقة والعالم المعاصر الحيويَّة إلى الفهم المعمق وصياغة إستراتيجيات جديدة للتعامل مع التنوع الثقافي وتعزيز ثقافة الحوار على أسس ومبادئ حقوق الإنسان التي تَوافق المجتمع الدولي عليها قبل أكثر من 60 عامًا وكذلك تعزيز قيم التسامح الديني. وأكَّد سمو نائب وزير الخارجيَّة دور المملكة الدولي وموقفها الإيجابيّ من خلال العديد من المبادرات التي تبنَّتها أو دعمتها لنشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ الكراهية ودعم الجهود الدوليَّة الرامية لمكافحة الإرهاب بكلِّ أنواعه وتأسيس مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، منطلقة في ذلك من تعاليم الإسلام وقيمه الإنسانيَّة التي تحرم الاعتداء على الأنفس والأموال وتُؤكِّد على ضرورة احترام العهود والمواثيق، وصولاً إلى إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وإنشاء جائزة الملك عبد الله العالميَّة للترجمة وإنشاء برنامج الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي لنشر ثقافة الحوار والسلام بالتنسيق مع منظمة اليونيسكو والمشاركة في إنجاح مشروعات الأممالمتحدة ذات العلاقة مثل منتدى تحالف الحضارات.