تتميز المملكة العربية السعودية بروح الانتماء، فكل فرد من أفراد هذا الوطن يشعر بالانتماء للأسرة والمجتمع وبالانتماء لهذا الوطن ويفخر بذلك، لأنه جزء من هذا الصرح الشامخ الذي يقود العالم الإسلامي وفيه الكعبة المشرفة وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد تشرّف الملك عبد الله بن عبد العزيز بلقب خادم الحرمين الشريفين لخدمة هذه الأراضي المقدسة. وينشأ الطفل في مجتمعه الصغير الأسرة ومن ثم المجتمع الثاني المدرسة ثم المجتمع الثالث المجتمع، على المثل العليا وتعاليم الإسلام، فيحب هذا الوطن المعطاء ويتخلّق بخلق أهله ويشعر بالانتماء الذي قد لا يشعر به أي مواطن آخر تجاه وطنه، لذا يجب أن تحرص الأسرة والمدرسة والمجتمع على هذه التنشئة الإسلامية الصحيحة التي تنمي هذه المثل، وإلا حصل عكس ذلك. ولكن في الآونة الأخيرة بدأت تدخل بعض الأفكار غير السوية إلى المملكة لكي تجتذب الشباب وتحاول جذبهم إلى بعض الأعمال الهدامة في الدول الأخرى، بطريقة غسل الأدمغة ووضع أفكار في رؤوسهم، تدعوهم لقتل أنفسهم في سبيل مبادئ القاعدة وغيرها، إذا لم يكن لديهم حصانة ذاتية تمنعهم من ذلك. ويحتاج الأمر إلى الاهتمام بتثقيف الشباب الذين يمثلون 70% من التعداد السكاني بصورة تبعدهم عن هذه الأفكار الهدامة، والتي يمكن أن تصلهم عبر شبكة التواصل الاجتماعي، حيث يتم التأثير عليهم ودفعهم إلى التطرف والقيام بأعمال منافية للدين، على أنها الطريق الأوحد للاستشهاد في سبيل الله، ولأنهم تنقصهم الخبرة والثقافة الوطنية، يندفعون لمثل تلك الأعمال المنافية للدين والعرف والقانون. وإذا نمت روح المواطنة لدى الشباب وبدأت مادة الثقافة الوطنية مع التنشئة من سن الطفولة، يتشرّب الطفل منذ نعومة أظفاره حب الوطن ويعرف الطرق والأساليب التي يؤثر بها دعاة التطرف على الشباب، فيتجنبهم ويحافظ على وطنه ولا ينساق وراءهم، خاصة عندما يصبح في مرحلة المراهقة، والتي تتميّز بالسرعة في اتخاذ القرار ودعم الانضباط النفسي، والاندفاع والخروج عن الأسلوب في مجتمعنا مجتمع الأمن والأمان واتباع أساليب التطرف. ولكي ننمي الحس الوطني لدى الطفل في أثناء التعليم الابتدائي، يجب أن تكون تلك المادة مدروسة بعناية من قبل أخصائيين نفسيين وتدرس أيضاً بعناية من قِبل أساتذة ملمين بالمادة وأسلوب تدريسها حتى لا يكون الشاب عرضة لمن يغرر به، وتكون المواطنة في تكوينه النفسي، ولا يكون لأي شخص أو شبكة تواصل اجتماعي تأثير سلبي عليه وعلى سلوكه، وأن لا يكون مجرّد نجاحه تحريرياً في هذه المادة أنها أصبحت في دمه وسلوكه إنما في سلوكه وأفعاله. ثم تتطور أساليب الثقافة الوطنية مع سن البلوغ لتنمي الإحساس الوطني لدى الشاب، وتعرّفه بما تقوم به الدولة من أجل مصلحته، وما تعمل عليه أجهزة الدولة، لكي يصبح أحد مواطني المملكة الذين تفتخر بهم، وما تنفقه الدولة من أجل صالح المجتمع وسلامته في نفسه وعرضه وماله. فإذا بلغ مرحلة الشباب ودخل الجامعة تكون هذه المادة هي أحد الروافد التي يستقي منها الشباب معارفهم وفهمهم لما تقدمه الدولة من تضحيات، وما تنفقه من أجل تحسين المستوى العام للمواطن السعودي بكل فئاته وطوائفه. اللهم احفظ شبابنا من كل مكروه وارزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على أنفسهم في الاستقامة والصلاح، لينعموا بالأمن والأمان ورغد العيش، في ظل قيادة قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين متعه الله بالصحة والعافية وسمو ولي عهده الأمين.