لا تخفي إيران سعيها الدائم والدؤوب لإحداث فراغ سياسي ودستوري في الدول العربية المجاورة، من خلال العمل على نشر الفوضى وتشجيع الاحتراب المجتمعي من خلال إثارة النعرات الطائفية والعِرقية، وهدف نظام الملالي في إيران من إثارة الفوضى في الدول المجاورة السعي إلى ملء الفراغ السياسي الذي تسببه هذه الفوضى، ومن خلال توظيف أدوات مذهبية وعناصر مُشتراة بالأموال، وبعضها أُعدت منذ وقت طويل بتدريبها وتدريسها في مراكز مذهبية تحت غطاء المعاهد الدينية سواء في إيران أو في العراق، وإعدادها للأدوار التي وضعت منذ مساعدة خميني في الوصول إلى السلطة في إيران. إشاعة الفوضى، أسلوب اتفق عليه الإيرانيون الخمينيون، والأمريكيون وإن كان لكل منهم هدفٌ يسعى لتحقيقه. الأمريكيون يسعون من خلال نشر الفوضى الخلاّقة إلى نشر قيمهم وتعزيز نفوذهم وهيمنتهم على المنطقة. أما الإيرانيون فيسعون من خلال نشر الفوضى إلى نشر الاحتراب الطائفي وفرض تسلط الأقليات المذهبية التي تعمل على ملء فراغ السلطة السياسية في البلدان التي تُعاني من الفوضى من خلال تقوية التجمعات الطائفية بتكوين مليشيات مسلحة تحصل على الدعم المالي والتسليح من نظام إيران وبأساليب متعددة، مثلما حصل في لبنانوالعراق وسوريا، ولا يتوانى هذا النظام في تهريب الأسلحة ودفع الرشى للأنظمة التي تحكم الدول المجاورة للدول العربية المستهدفة مثلما يحصل في تهريب الأسلحة إلى اليمن، وبعد أن تتمكن هذه المليشيات الطائفية المسلحة من التغلغل والسيطرة تبدأ في فرض مواقفها المُبلَّغة لها من إيران، وهو ما تحقق في العراق من خلال تقوية المليشيات الطائفية التي تُمثّل أذرعاً عسكرية إيرانية داخل الحكومة العراقية، فمنظمة بدر التي يرأسها هادي العامري وزير النقل ومليشيات عصائب الحق التي تكوَّن منها لواء أبو الفضل العباسي الذي يُقاتل ثوار الشعب السوري، وهذه المليشيات هي التي تضغط على حكومة المالكي في العراق لفرض خيارات طهران، وتهدده بالتخلي عنه إن لم يرضخ لتلك الخيارات. أما في لبنان فيقوم حسن نصر الله بتنفيذ تعليمات ملالي طهران بنشر الفوضى الشاملة في لبنان والعمل بقوة السلاح على تجريد لبنان من مؤسساته الدستورية، فبعد تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية وعلى مدار ثمانية أشهر، يُخطط ممثل ولاية الفقيه في لبنان الملا حسن نصر الله لتعطيل الاستحقاق الدستوري الآخر، انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيحل في الربع الأول من العام القادم، وبذلك يصبح لبنان بلا رئيس دولة ولا رئيس حكومة، ورئيس مجلس نواب مُددت فترته، أي أن لبنان يصبح بلا مؤسسات دستورية مما يجعل لغة السلاح هي اللغة السائدة، وبما أن مليشيات حسن نصر الله هي الأكثر عدة وقوة وتنظيماً، وأنها تُدار من قِبل ضباط في الحرس الثوري الإيراني، فإن لبنان يصبح خاضعاً لحكم ملالي إيران عبر عملائها، وهو ما تُؤكده إيران من خلال ترديدها بأنها القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة وقادرة على ملء الفراغ السياسي أي دولة عربية يعجز الفرقاء السياسيون عن إدارة الحكم فيها.