شنت علينا وسائل إعلام عربية وأجنبية مغرضة حملات إعلامية واسعة مستنكرة تهجير مئات الآلاف من العمالة المخالفة التي تقيم في المملكة إقامة غير نظامية، وما زالت وسائل إعلامية مسيسة تمارس التضليل بعد ترحيل عشرات الآلاف من «المخالفين» الذين دخلوا إلى بلادنا عن طريق التهريب أو الإقامة غير النظامية بعد انتهاء موسم الحج أو العمرة، وعلى الأخص في منطقة الحجاز، أو أولئك الذين يتم تهريبهم عن طريق الجبال أو الممرات الوعرة عبر الحدود الجنوبية مع اليمن؛ من اليمنيين أنفسهم أو من جنسيات إفريقية ؛ فقد كتبت عشرات المقالات، وعقدت ندوات تلفزيونية موجهة واحتشد آلاف من المتظاهرين يستنكرون الحملة الأمنية السعودية على المخالفين؛ كما حدث أمام السفارة السعودية في صنعاء متناسين ما تقدمه المملكة للشعب اليمني الشقيق، والتسهيلات الكبيرة للعمالة اليمنية في المملكة ؛ ولكن فئات من العمالة غير المنضبطة ووراءها أطراف مدفوعة من جهات أخرى لها ولاءات لإيران وغير إيران من الحوثيين وغيرهم يسعون إلى استثمار هذا الحدث وتعكير صفو العلاقات الأخوية مع الشعب اليمني، وقد بلغت المرارة والألم حدا كبيرا حين رفعت لافتات تطالب بترحيل السفير السعودي من صنعاء، وبمعاملة اليمنيين كالسعوديين، ونسي أو تناسى هؤلاء كم قدمت المملكة لليمن من المساعدات وكم نفذت من المشروعات الخيرية ؛ كتعبيد الطرق وإنشاء المستشفيات وإقامة المدارس وغيرها، وكم هو العدد الضخم من اليمنيين النظاميين الذين يعملون في المملكة ويستفيدون من الفرص التجارية والمهنية ويعيلون مئات الآلاف من أسرهم في اليمن!. أرجو ألا نأبه للغوغاء وألا نلين أو نستجيب لمحاولات التراخي في تطبيق الأنظمة والقوانين على كل الجنسيات المخالفة بدون استثناء ؛ فقد طال أمد التراخي والتهاون أمام مد الزحف العمالي غير النظامي من كل البلدان التي تعاني الفقر والاضطرابات الأمنية والسياسية ؛ فعلى مدى السنين الماضية تسرب إلينا عبر الحدود ومن المنفذ الجنوبي على الأخص ومن الجنسيات المختلفة ملايين العمال غير النظاميين ؛ حتى أصبحت التركيبة السكانية السعودية في خطر ؛ نتيجة لغلبة غير السعوديين على المحلات التجارية والمهن والأسواق، حتى بات يداهمنا شعور بالغربة - أحيانا - ونحن في بلادنا حين ندخل إلى شوارع أو أحياء معينة، وكأن الغريب صار ابن البلد، وابن البلد أصبح غريبا في وطنه! ولا يمكن إلا أن يشعر بمثل هذا الشعور المر والمقلق والمخيف من تسوقه قدماه في يوم جمعة مثلا إلى شارع البطحاء في الرياض، أو من يزور صدفة حي الفيصلية أو يتجول في شارع الشميسي القديم أو الجديد، أو غيرها من الأحياء التي يعيش فيها غير السعوديين من المخالفين، وكأنهم مقيمون إلى الأبد بدون خوف أو وجل، ويتاجر كثيرون منهم بالمحرمات كتصنيع العرق والخمور وترويج المخدرات والدعارة والسرقات وغيرها، وهو شعور من يلج أيضا إلى حي الكرنتينا في جدة أو الثقبة في الخبر مثلا! ألا يحق لنا أن نسعى إلى تطهير مجتمعنا وتنظيفه من مئات الآلاف من العمال المخالفين الذين تسللوا تهريبا أو أقاموا بدون أوراق نظامية أو بإقامات مزورة أو منتهية ويسعون إلى التكسب بكل الوسائل المباحة وغير المباحة، ويغلقون على أبناء الوطن مصادر الرزق؛ مما ساعد على تفاقم مشكلة البطالة التي أخذت تكبر وتتضخم ككرة الثلج مع ازدياد أعداد العمالة المخالفة بالملايين! ويحق لنا أن نتساءل عن الغايات المشبوهة من الحملات الإعلامية المغرضة بعد ترحيل العمالة المخالفة؛ بينما لم يتحدث أحد أبدا عن الحملات الأمنية «العنيفة» والمبالغة في قسوتها التي تشنها البلدان الأوربية؛ كإيطاليا وفرنسا وألمانيا على المهاجرين غير الشرعيين، ولعل أقرب مثال قصة تلك الفتاة البوسنية التي انتزعت من حافلة مدرستها الفرنسية لترحيلها إلى بلادها البوسنة عنوة!. وربما كانت قصة عنف الأحباش وما تم في حي منفوحة من فوضى ومقاومة لأجهزة الأمن تقوي العزيمة الوطنية على المضي بثقة لتطهير البلاد من أي مخالف مهما ضج الإعلام الغوغائي الرخيص بدعاواه.