يعد البرنامج النووي بمنزلة أمن قومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبذلك من الخيال أن تسعى بعد هذه السنوات إلى تسليم الزمام إلى أمريكا والتخلي عن السلاح النووي وأحلام الإمبراطورية الفارسية والهيمنة على المنطقة. الرئيس الأمريكي باراك أوباما صرح بعيد الانفتاح الأمريكي الإيراني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمامها سنة واحدة حتى تتمكن من امتلاك السلاح النووي، ومن هنا لا بد أن يحدث العاقل بما يعقل، إذ إن سنة واحدة لن تضر إيران شيئاً، وهي التي عاشت سنوات تحت الوطأة الاقتصادية تجرعت خلالها مرارة الأضرار الجسيمة التي أثرت على اقتصادها الوطني والشعب الإيراني، كذلك من زيادة التضخم وارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية وغيرها. الولاياتالمتحدةالأمريكية وجدت أن العقوبات الاقتصادية الدولية لم تثن الجمهورية الإسلامية عن التقدم في برنامجها النووي، ووجدت أيضاً أن سياسة العقاب فشلت في إعاقة إيران للوصول إلى ما تطمح إليه، ولذلك قررت انتهاج سياسة الاحتواء مع طهران، بمعنى أن الانفتاح الأمريكي الإيراني لن يعمل ولم يأت بالأساس من أجل تحجيم البرنامج النووي الإيراني ومنع إيران من امتلاك السلاح بقدر ما يحدث ذلك كله تحت المظلة الأمريكية لضمان عدم تهديد إيران فيما بعد للمصالح الأمريكية في المنطقة وأمن إسرائيل، والدلالة على ذلك أن مفاوضات 5+1 مع إيران -التي كان التعثر أحد أهم سماتها الرئيسية خلال السنوات الماضية- أصبحت ما بعد الانفتاح الأمريكي الإيراني تسير بانسيابية وهدوء، أشبه ما تكون وفق مخطط متفق عليه يرضي جميع الأطراف، وهذا ما بدا واضحاً من تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المتضمنة أنه من الممكن الوصول إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني خلال الأسبوع الحالي. توجيهات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية المتضمنة إزالة جميع الشعارات المعادية لأمريكا من شوارع طهران دلالة على أن إيران راضية عما يحدث، وأن الأحداث الجارية تسير وفق ما يصب في صالحها، ومن هنا نجد أن الغزل الذي بدأ ما بعد الانفتاح الأمريكي الإيراني يسلك الآن مسلك العلاقة المرشحة لأن تؤدي في نهاية المطاف إلى تحالف تعود الجمهورية الإسلامية الإيرانية بموجبه شرطي الغرب في المنطقة كما كانت في عهد الملكية الإيرانية بزعامة الشاه رضا بهلوي.