كلما قلبنا النظر في المشهد العام في المجتمع ..، قارنا بين قريب مضى، وبعيد أمضى..، وراهن يقوم ..، ومستشرف سيأتي.. بادرتنا الجميلات والقبيحات..، المكينات والهشَّات..، المفرحات والمبكيات.. فإلى أيهما سيتجه الأفراد في تركيبة هي ليست مزيجا من الجميلات، والمكينات، والمفرحات فنقول: سيكون القادم مطمئنا.. بل إنه المزج يميل لاستقطاب ما يذيب الجميلات، ويفتت المكينات، ويحتضن كل هش ملون بارق، يمكن أن يذر في العيون، فلا تلهج الألسنة إلا بالتطريب والترحيب إلا به وله.. ولنقف تحديدا عند هذا المزيج الذي يبدو ويظهر في سلوك الشرائح الأغلب من الشابات، والشباب في الإعلام، والشارع، والسوق، والحفلات، والطائرة، وداخل البيوت، بل في مؤسسات التعليم.. فنسأل أهذا ينم عن وعي، وإيمان..؟! أيكون الانفجار في المظهر دليلا على ترمد المكنون في المخبر، بمعنى أن هذه الفئات لم تتلق تنشئة تمكنها من الوعي بما يصح، وبما لا يصح، وبما هو معقول وغير معقول، وبما هو مقبول وغير مقبول، في مقياس أخلاق وسلوك وجه إليها الرب في الكتاب الكريم، وعلمها الرسول العظيم بل مثلها خير تمثيل في نفسه وزوجاته، وبناته وصحابته ونسائهم رضي الله عنهم، تلك التي ارتضاها العقل، وعرفت بها الفضائل ونهجت إليها المروءة..؟ فلا يعجز وقار الستر، ونقاؤه عن احتواء نجاح الفتاة والفتى في أي ميدان، فتأتي مشاركاتهما الحياة، يتعلمون، ويعملون، ويساهمون، ويبصمون أدوارهم، ويحضرون مضامير التنافس، والبروز، ويتفوقون ظهورا، وتميزا، وينجزون، ويديرون، ويرأسون، ويسافرون، ويتسوقون..فلا تعيقهم أثوابهم بوقارها وحشمتها، ولا مظهرهم بوعيه وسلوكهم..، ولا يعطلهم انتماؤهم الديني دون أن يكونوا القابضين على أزمة الحياة وصناعة النجاح فيها.. كانوا يقولون ما قال الشاعر: «يا أمة قد ضحكت من جهلها الأمم..».. حين فرطت هذ الأمة في منطلقاتها القوية وتأريخها المجيد.. وعلى أيدي هذا النوع من الجيل الناشئ على تفريط مخيف، ربما يقال المثل، بل سيأتي شاعر ذات يوم فيبتكر وصفا لهم ..، إنك الآن إن تسألهم عن أوليات في دينهم، تجدهم يتلجلجون لا يعرفون ويصنفونك في طابور المتخلفين، بل يرثون عليك..!، مفاهيمهم خاطئة، معلوماتهم تنحصر في عرَّابي الغناء، وأبطال الكرة، وصناع الأزياء.. والأخطر أنهم ينسحبون عنك حتى في لغة حديثهم.. إنهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ما يشاهدون، ويتابعون من غثاء السيل الذي اقتحمهم من كل صوب.. وفي حين يراد منهم أن يخوضوا تجارب الاكتساب، ويبرزوا في كل مجال، ويكتسبوا جميع المعارف والخبرات واللغات، ويكونوا مؤهلين لخوض ميادين المنافسة على مستويات عديدة، وشاملة داخليا، وخارجا.. ويواكبوا كل جديد مفيد، إلا أن الخطة يجب أن تكون ذات مواصفات تحافظ على الجميل، المكين، المفرح فيهم من عتيد ما يضمر إرثنا الحضاري.. إنهم أمانتنا، أمانتكم... إنهم عدة المستقبل.. فكيف سيكونون..؟ نأمل تدارك وضعهم بوعي، وحس، بل برهبة وقلق.. تلافيا لأن يصبحوا حطب النار التي تأتي على انسلاخهم عن لسانهم، وقيمهم، وابتداءً عقيدتهم.. اللهم اشهد... عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855