قرأت ماكتب في العدد (14953) عن ورشة العمل التي عقدها سمو نائب أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، حول تعثر مشروع دائري بريدة الداخلي وعن إعطاء سموه مهلة عشرة أسابيع للجهات المشتركة فيه لإنجازه. وأحب هنا أن أشيد بهذه المبادرة الرائعة والمتميزة من سموه ومتابعاته المستمرة لمشاريع منطقة القصيم، ومن أهمها متابعته الدائمة وجولاته على مشروع طريق (القصيم -مكة) والذي حوّله من حلم إلى واقع ينفذ. وما مبادرته التي حركت المياه الراكدة عن طريق دائري بريدة الداخلي، إلا دليل أكيد على حسه الوطني الرائع وامتعاضه من معاناة يومية منذ سنوات لمدينة تمتد في العمران، وتكتظ بحركة المرور ومشروع صغير يضيع أمامها في غياهب الروتين القاتل، والذي لا يعرف لنهايته مدى وتضيع بسببه الأموال في ظل صمت وإهمال غير مبرر بسبب عوائق تافهة أصبحت بعبعاً يهدد بإلغاء مشروع هام، بل وضرب الرقم القياسي في التعثر ودخل موسوعة جينس في المشاريع المتعثرة لطريق لا يزيد طوله على 38 كم، ولو عقد ما عقد حوله من ورش لمشروع مارشال لأنجزته، ولو عقدت لمشروع طريق يربط قارة آسيا مع أفريقيا أو طريق الحرير لأنجزته!! مدينة بريدة ثاني أكبر مدينة في وسط المملكة بعد الرياض حظيت بمشروع ضخم للدائري الخارجي الذي نفذ قبل أكثر من ربع قرن من الزمان على شكل طرق سريعة تربط الرياض مع المدينةوالرياض مع شمال المملكة بضلعين منه، ولا يزال بعيداً عن المدينة عدا الضلع الشمالي، وفي نفس الوقت تم التصميم للدائري الداخلي. حوالي 30 عاماً تم إزالة المباني التي تعترض مسار طريق (الدائري الداخلي) ببريدة، الذي كان مساره في ذلك الوقت بعيداً عن الكتلة العمرانية للمدينة، أما حالياً فقد دخل ضمن أحيائها وخاصة في الضلع الشمالي، وأصبح طريقاً محلياً (local street)، وقامت أمانة المنطقة (اضطراراً) بسفلتة بعض أضلاعه كالضلع الشمالي (طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه) وقامت بسفلتته كطريق محلي غير حر، وذلك لخدمة السكان الذين انتشرت أحياؤهم بكثافة على جنبات هذا الطريق، حتى يحين موعد قيام وزارة النقل بتحرير تقاطعات هذا الطريق وإكمال طرق الخدمة فيه، وكذلك في الضلعين الشرقي والغربي، والذي حدث على أرض الواقع هو أنّ هذا الطريق أصبح حزاماً خانقاً يخنق المدينة كل يوم، حيث إنّ الزحام المروري على تقاطعاته أصبح كثيفاً جداً والأجزاء التي لم يتم فتحها (مؤقتاً) منه أصبحت عائقاً أمام الحركة تقطع أوصال المدينة وتفصلها عن بعض، وللانتقال من حي إلى حي يتم عبر طرق محلية مكتظة بالحركة مسبباً زحاماً على الطرق الداخلية للأحياء السكنية وفي ساعات الذروة، تشهد شوارع المدينة وخاصة الضلع الشمالي للدائري الداخلي تراكماً شديداً لحركة المرور، ووصلت معه مستويات الخدمة على الطريق ( SERVICE LEVEL OF) إلى المستوى (F) وهو المستوى القياسي العالمي الأقل في تصنيف مستويات الخدمة للطرق، وذلك بسبب وقوف التقاطعات كعائق شديد للحركة وزيادة زمن الرحلة الكلي على الطريق بسبب الانتظار الطويل عند الإشارات الضوئية. يقع على الأجزاء التي تم فتحها من الدائري الداخلي 10 إشارات ضوئية، وهي بحد ذاتها عائق كبير للحركة على الطريق، فلو فرضنا أن الوقوف عند كل إشارة دقيقتان، فمعنى ذلك أنّ الوقت الزائد عن الزمن الحقيقي للرحلة 20 دقيقة، إضافة إلى زمن السير على الطريق حسب السرعة التصميمية له، والذي هو أقل من زمن الانتظار عند الإشارات الضوئية، إضافة إلى التقاطعات الأخرى التي لم يتم ذكرها مثل الدوارات والطرق التي ترتبط مع نهر الحركة على الطريق مباشرة بدون طريق خدمة، وبالتالي فإنّ من يريد الانتقال من شمال المدينة إلى جنوبها سيلجأ إلى الطرق الداخلية، مثل طريق الملك عبد العزيز وطريق الملك خالد وطريق القناة، وذلك لأنّ زمن الرحلة سيكون متقارباً (في الدائري يزداد طول المسافة وفي الطرق الداخلية تقل المسافة ولكن يزداد زمن الرحلة)، وهذا الطريق رغم أنه غير مكتمل ومقطّع الأوصال، إلاّ أنه شهد بعد افتتاح بعض أجزائه (بشكل مؤقت) زحاماً هائلاً حتى على الوصلات الترابية منه والتقاطعات غير المؤمنة، وذلك لأنه يختصر الزمن في بعض أجزائه غير المكتملة، ولهذا فإنه لابد من إنقاذ المدينة من هذا الاختناق، ولابد من تحرك سريع وفاعل، ووضع خطة لإكمال الطريق وتحرير تقاطعاته الهامة خلال 3 سنوات على أكثر تقدير، ولابد من تدخل مجلس منطقة القصيم الذي يرأسه سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن بندر - حفظه الله -، وذلك بدعوة معالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري المعروف باهتمامه ومتابعته، وذلك لتقديم المعلومات كاملة وإطلاعه على التأثيرات السلبية لتأخر تنفيذ طريق لا توجد أمامه أي عوائق تذكر. وأحب هنا أن أساهم ببعض المقترحات الفنية لإنجاز الطريق: 1 - الضلع الشمالي للطريق يشهد زحاماً هائلاً وخاصة تقاطعاته في ساعات الذروة ويأتي في المقدمة تقاطع طريق الملك عبد العزيز مع الطريق بالقرب من حي المنتزه الشمالي، حيث يزداد حجم الحركة المرورية عليه عن 4000 مركبة / ساعة، وتشمل سيارات ركوب صغيره وحافلات لنقل الطالبات وشاحنات كبيرة، وعند هذا الحجم من الحركة فإنه يصبح تقاطعاً مختنقاً، ولابد من أن يعطى أولوية قصوى لتحريره (تحويل حركة المرور إلى حركة حرة بدون توقف بسبب الإشارة الضوئية)، ومن المناسب جداً له وضع نفق بحيث تكون الحركة على الدائري مستمرة شرقاً وغرباً، ومن يريد تغيير الحركة من طريق الملك عبد العزيز إلى الدائري أو العكس، فيتم ذلك عبر إشارة ضوئية فوق النفق، وذلك لأن الحجم الكبير للحركة هو من الشرق للغرب والعكس (على الطريق الدائري) وللنفق مزايا عدّة منها: أ - يقع التقاطع على منطقة مرتفعة نسبياً فغربه منحنى ردم على منطقة تنخفض عن التقاطع بحوالي 10م، وعلى بعد حوالي 200م منه وشرقه دوار يشهد زحاماً هائلاً على بعد حوالي 250م من التقاطع، وهناك فرق بين منسوب شرق الدوار وغربه بسبب تنفيذه على منطقه مرتفعة، ولهذا أقترح أن يتم تنفيذ نفق واحد يشمل التقاطعات الثلاثة المتقاربة من بعضها وفتح امتداد الطريق غرباً حتى يلتقي مع طريق السلام كمرحلة أولى وإلى الدائري الغربي الخارجي كمرحلة ثانية وبمعنى أدق الإبقاء على الإشارة الضوئية ودوار البشر وتنفيذ نفق أسفلهما. ب - نظراً لارتفاع منسوب الإشارة والدوار وانخفاض المنطقة الواقعة غربهما، فمن السهولة تصريف السيول من النفق المقترح دون الحاجة إلى ضخ بل بالميول الطبيعية غرباً. ج- يمثل النفق حلاً ملائماً في ظل عدم كثافة الخدمات الأرضية التي تحتاج إلى ترحيل، ولأن الكبري سيمثل حجباً للمنشآت التجارية الواقعة على جنبات الطريق وكذلك حي البشر القريب جداً من الطريق، والخيار الآخر هو أن يتم وضع النفق على امتداد طريق الملك عبد العزيز بدلاً من الدائري (أيهما أكثف في حركة المرور وأنسب مرورياً وتصميمياً). أما في حالة التفكير في نقل الضلع الشمالي للدائري الداخلي ليصبح عبر طريق النهضة، فإنه لابد من تحرير جميع التقاطعات التي هي استمرار للتقاطعات على طريق علي بن أبي طالب، ووضع تقاطع إضافي على طريق الملك عبد العزيز، والأفضل هو الإبقاء على الوضع الحالي باعتبار الضلع الشمالي عبر طريق علي بن أبي طالب، نظراً لكثافة حركة المرور عبره من الشرق للغرب، فاستخدامه لن ينتقل شمالاً عبر طريق موازٍ آخر وستستمر كثافة المرور العابرة له كما هي. 2- بالنسبة لتقاطع الطريق مع طريق عثمان بن عفان، فمن المناسب تنفيذ كبري على امتداد الدائري والإبقاء على الإشارة أسفل الكبري لتغيير الحركة من طريق عثمان بن عفان إلى الدائري وإليه، وهذا التقاطع يشهد زحاماً هائلاً أيضاً نظراً لوقوعه في منطقه حيوية وكثافة سكانية وتجارية ويقترب حجم حركة المرور عليه من 4000 مركبة / ساعة في ساعات الذروة المروري هاماً تقاطعه مع طريق ابو بكر الصديق، فيمكن تنفيذ كبري عليه مع تنفيذ منحنيات للالتفاف u_turne)) بدلاً من الدوار، حيث إن مسارات الطريق تسمح بذلك والكبري مناسب في هذين التقاطعين نظراً لبعد المنشآت عنهما نسبياً خاصة تقاطعه مع طريق أبي بكر، ولكثافة الخدمات وصعوبة تصريف السيول في حال تنفيذ أنفاق. 3 - شهد تقاطع الدائري الداخلي مع طريق الملك فهد (حيث إن الحركة على الدائري الداخلي سطحية بإشارة ضوئية)، زحاماً هائلاً وغير متوقع، نظراً لكونه الطريق الرئيسي الوحيد غرب المدينة ويستخدمه من يريد الانتقال من جنوبالمدينة إلى شمالها، وينضم إليه الحركة القادمة من شارع القناة، وبالتالي فمن الضرورة تحرير الحركة على الدائري بتنفيذ نفق تحت الإشارة الضوئية خاصة مع انخفاض منسوب المياه الجوفية بعد اكتمال شبكة الصرف الصحي، والتي حالت دون تنفيذ النفق سابقاً، وعدم وجود خدمات أرضية أسفل الموقع، وعدم نشوء أي مبانٍ جانبية، وقد تفاقم الزحام في هذا التقاطع إلى شكل كارثي لا يمكن أن يشاهد ولا في أكثر المدن ازدحاماً بعد إغلاق تقاطع طريق الملك فهد مع شارع الأربعين، حيث تشاهد أرتال السيارات التي يغصّ بها التقاطع تمتد لمئات الأمتار وتتراكم في الطرق المؤدية إليه، مثل طريق الحمر. ولتغيير الحركة بين الدائري وطريق الملك فهد، يتم الإبقاء على الإشارة الضوئية، وهذه الحركة تشكل نسبة ضئيلة من حجم حركة المرور على التقاطع. 4 - بقية التقاطعات على الدائري تشهد كثافة أخف بكثير من التقاطعات الثلاثة المذكورة أعلاه، وبالتالي يمكن تنفيذ حلول لها تزامناً مع تنفيذ كلٍّ من طريق الملك عبد الله والذي قطعت الأمانة شوطاً مهماً في تنفيذه، وكذلك طريق الملك فهد، حيث إنّ هذين الطريقين لهما تأثير مباشر وتبادلي في حركة المرور الحالية والمتوقعة على الدائري الداخلي. 5 - لابد أن يكون الدائري الداخلي بجميع تقاطعاته حر الحركة (بدون إشارات ضوئية أو دوارات) وبدون ذلك فإنه سيصبح طريقاً محلياً داخلياً ليس له أي تأثير على حل الاختناقات المرورية وفي تسهيل الانتقال بين أحياء المدينة لأنه لن يقوم بسحب الحركة المرورية من الشوارع الداخلية المكتظة بحركة المرور، وربما تكون هذه الشوارع هي الخيار الأفضل لمستخدم الطريق ولا أحد يشك في القيم العمرانية والنهضوية والاقتصادية والقيمة المضافة لاقتصاد المدينة في حالة تنفيذ طريق دائري داخلي حر. 6 - أليس من الأجدر أن يتم تنفيذ طريق خدمة بعرض مناسب ومداخل ومخارج انسيابية على طول الطريق لفصل الحركة المحلية LOCAL)) عن الحركة المستمرة. 7 - من الضروري تنفيذ عدد مسارات كافية للطريق لا تقل عن 4 مسارات لكل اتجاه، لاستيعاب كثافة الحركة المرورية المتزايدة، والناتجة عن الكتلة العمرانية التي تتوسع وتزداد باستمرار، وذلك قبل نشوء المحلات والمرافق على جانبي الطريق، وإلا فإن ذلك سيكون باهظ التكاليف مستقبلاً. 8 - من الضرورة إكمال وفتح الوصلات المتبقية من الطريق وخاصة الوصلة الممتدة من طريق الملك عبد العزيز جنوباً مروراً بحي الخليج والموطأ حتى تقاطعه مع طريق الملك فيصل (من السهولة تنفيذ نفق في هذا التقاطع نظراً لارتفاع منسوب طريق الملك فيصل)، وأقترح أن يتم وضع (برنامج تنفيذي) لإكمال الطريق خلال 3 سنوات، حيث إنه لا توجد عوائق من أملاك خاصة أو جبال صخرية تحتاج إلى تكاليف باهظة لإزالتها ومعدات ضخمة لتكسيرها، بل هي أرض سهلة من الرمال، والأمر المحير هو أن أمانة منطقة القصيم، قد قامت بردم وسفلتة أكثر من 50% من الطريق الذي يبلغ طوله 38كم فقط، وتعثرت كل مشاريع وزارة النقل أمام إكماله وفتحه على مدى 25 عاماً، رغم إزالة جميع العوائق التي تعترضه ورغم أن هذه السنين هي التي شهدت أضخم ميزانيات سنوية للمشاريع في المملكة، ورغم استراتيجية وزارة النقل التي تضع في الأولوية إكمال الطرق الدائرية المتعثرة، ولا أشك أن في مقدمة هذه الطرق (دائري بريدة الداخلي) الذي تعثر في (شبر) وصار شوكة في حلق النمو العمراني والاقتصادي للمدينة، وصار أشبه باللغز وبالمعادلة المستحيلة الحل، رغم سهولتها ورغم معرفة حل اللغز أناشدكم يا معالي وزير النقل أناشد فيكم وطنيتكم، أناشد فيكم حرصكم أناشد فيكم أمانتكم أن تقوموا بزيارة الطريق على الطبيعة، أو تكليف من ينقل لكم الصورة واضحة وأثق في اهتمامكم، فقد عرف عنكم الحرص على إنجاز مشاريع الطرق في كل أنحاء المملكة وأصقاعها طولاً وعرضاً، وهاهي الطرق تشهد بذلك، وأتمنى أن يتم اعتماد تكاليف هذا الطريق في ميزانية العام المالي القادم، فقد ملّت المدينة الانتظار واختنقت الحركة في شوارعها وتشتتت أحياؤها وبلغ السيل الزبى وأصبح الوضع لا يطاق. - م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني