لأول مرة منذ ثورة 14 يناير 2011 يخرج زعيم سياسي ليدعو صراحة إلى انقلاب سياسي على الحكم القائم، وهي الدعوة التي أربكت الشارع التونسي بالرغم من أن صاحبها، حمة الهمامي رئيس حزب العمال التونسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية المعارضة، لا يمتلك مرجعية شعبية ولا قاعدية واسعة وبالتالي فإن تأثير تصريحاته لا تتعدى أنصاره المنتمين لحزبه. حمة الهمامي قالها بصريح العبارة خلال حوار تلفزي ليلة أول أمس الثلاثاء: «تكرار السيناريو المصري أي الانقلاب هو الحل للتخلص من الترويكا وعلى رأسها النهضة.. أنا متأكّد أن الجيش والأمن سيدعمان المعارضة للانقلاب على حكومة النهضة». ولم تصدر إلى الآن أية ردة فعل رسمية على هذه الدعوة التي أدخلت الكثير من البلبلة على نسق المفاوضات السرية التي تدور خلف الستائر بين مكونات كل تيار على حدة في مسعى أخير لإخراج البلاد من المأزق الذي تردت فيه منذ أكثر من شهرين. في نفس السياق السابي التصعيدي، لم يكتف الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل بإعلان انطلاق سلسلة من الاحتجاجات الشعبية في مختلف جهات البلاد بهدف الضغط على حكومة الترويكا لتقبل بخارطة الطريق المنبثقة عن مبادرة الرباعي الراعي للحوار، بل تجاوز ذلك، للكشف صراحة عن عدائه لبعض وزراء الائتلاف الحاكم. العباسي وإن لم يسم هؤلاء الوزراء، إلا أنه كال لهم اتهامات خطيرة منها اقتصار نشاطاتهم الوزارية على تعيين أنصارهم والموالين لهم في مناصب عليا، مضيفا أن هذه التعيينات المشبوهة التي تصدى لها اتحاد الشغل بكل قواه، هي التي ولدت احتجاجات وتحركات شعبية بالنظر إلى انهيار المؤسسات الاقتصادية الذي أدت إليه. رئيس اتحاد الشغل رد بلهجة شديدة على الذين يتهمونه بتعطيل دواليب الاقتصاد عبر إطلاق سلسلة من الاحتجاجات الجديدة، بأن وزراء الترويكا الذين اهتموا بالسيطرة على دواليب الدولة ولم يفتحوا ملفات وزاراتهم بكل جدية مما عطل العمل، هم المسؤولون عن تعثر اقتصاد البلاد وتعطيل عجلة الإنتاج. وقال العباسي بأن أعداء الاتحاد الحقيقيين هم غير القادرين على العمل والإضافة للوطن ومن لا يتمتعون بالكفاءة لتسيير الإدارة التونسية. وقال العباسي بحسرة ظاهرة بأنه عقد عشرات الجلسات التي امتدت لساعات طويلة وأجرى مئات المكالمات الهاتفية في محاولة منه لتقريب وجهات النظر بخصوص تفعيل خارطة الطريق التي اقترحها الاتحاد، دون النجاح في التوصل إلى حل توافقي يرضيطرفي النزاع. وكان رئيس أكبر منظمة شغيلة في البلاد قد أكد أن الاتحاد يتعرّض إلى حملة ممنهجة من قبل من وصفهم بالمجموعات التي تبث الكراهية والفتنة ضد النقابيين وتبعث برسائل تهديد ووعيد. وهدد من جهته بأن الاتحاد الذي دعا إلى شن حملات واسعة من الاحتجاجات وتنظيم مسيرات كبرى في كافة جهات البلاد بداية من اليوم الخميس لن يظل ساكتاً أمام تعنت الترويكا الحاكمة التي أسقطت برفضها مبادرته، محاولاته رأب الصدع بينها وبين أحزاب المعارضة. ويذكر أن اتحاد الشغل، الذي قاد طيلة شهرين مفاوضات بين الحكومة والمعارضة بمعية ثلاث منظمات وطنية، دعا أول أمس أنصاره ومنخرطيه إلى مساندته والوقوف إلى جانبه والتجند في الجهات الداخلية بهدف إنجاح التحركات الشعبية السلمية التي كان قرارها مساء السبت الماضي بعيد اعترافه بتعثر المفاوضات بين الفرقاء السياسيين التي يقودها من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وقال اتحاد الشغل في بيان له الثلاثاء، بأن المسيرات والتظاهرات التي قررتها هيئته الإدارية السبت، تندرج في إطار سعيه إلى تفعيل المبادرة التي كان قدمها عند بداية الأزمة وإلى تنفيذ خارطة الطريق المنبثقة عنها والتي قبلتها كل الأطراف ماعدا حكومة الترويكا التي تقود الائتلاف الحاكم؟