بعد الذي كشفه عميل المخابرات الأمريكية المركزية (C-I-A) لم يعد هناك سر يمكن أن تحتفظ به أجهزة الاتصالات المتحركة (الجوالات) أو اللابتوبات وكل ما يتم عبر أنظمة التطبيقات، سواء عبر الإنترنت أو المكالمات الهاتفية بل حتى الصور الفردية والشخصية أو أفلام الفيديو الصغيرة التي تستطيع أجهزة الاتصال المتحركة التقاطها؛ فقد استطاعت المخابرات الدولية التسلل إلى هذه التطبيقات والحصول على ما يجري من اتصالات وعمليات رقمية أو كتابية وصور. العميل الأمريكي سنودين الهارب إلى روسيا كشف أن أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية تملك إمكانية مراقبة الشركات العالمية الكبرى في مجال الإنترنت مثل: yahoo,skype,microsoft,apple ,Google, facebook, aol, youtube، ومن خلال هذه المراقبة يمكن تسجيل أي مكالمة أو أفلام وصور، ونسخها لتحليلها والاستفادة منها. وبما أن معظم أجهزة الحاسب الآلي (الكمبيوتر) تستخدم نظام windows التابع لشركة microsoft، التي كانت أولى الشركات التي أُجبرت على الانضمام إلى البرنامج التجسسي prism، فقد ذكر سنودين أن microsoft وضعت في برنامج windows بجميع نسخه إمكانيات إضافية، تتيح لأجهزة المخابرات الأمريكية فرصة الحصول على أية معلومات وتتجسس على كل الدول، بما فيها حلفاؤها في أوروبا الغربية؛ إذ اشتكت الكثير من الدول الأوروبية - ومنها ألمانيا - من هذا الاختراق. وطبعاً شمل التجسس الكثير من الدول، بما فيها دول الشرق الأوسط ودول الخليج العربي، التي تستعمل في معظمها الشركات الأمريكية في إقامة وتحديث الأنظمة الأمنية الإعلامية الخليجية؛ وهذا ما يؤدي تلقائياً إلى تسهيل الهدف للاستخبارات الأمريكية بأن تحصل على المعلومات التي تحتاج إليها. ووفقاً لتصريحات العميل الأمريكي الهارب والمنشق على الاستخبارات المركزية الأمريكية (سنودين)، فإنه أمكن الحصول على كل ما تريده هذه المخابرات، والاحتفاظ بالمعلومات وتحليلها من جميع الشبكات في المنطقة، وتوظيف المعلومات والقدرات العلمية، ومشاركة مخابرات دول أخرى، وبخاصة المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، التي عززتها الإمكانيات الأمريكية، وبخاصة في مجال الحرب الإلكترونية ضد مصالح الدول الأخرى. ووفقاً لما كشفه سنودين، فإن المخابرات الأمريكية قد ساعدت الموساد الإسرائيلي في صناعة وإدخال فيروس stuxnet في الشبكات الإلكترونية الإيرانية لضرب البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يثير القلق والمخاوف من استعمال مثل هذا التعاون ضد أمن الدول العربية، وبخاصة في مجالات المعلومات. قبل أن يفجّر العميل الأمريكي سنودين هذه الفضيحة، وقبل أن يكتشف العالم أنه مكشوف جميعاً أمام العيون الإلكترونية الأمريكية؛ ما جعل الكثير من قادة العالم والمراكز السيادية تستغني من الأجهزة الحاسوبية والاتصالات المتحركة، وتقلص استعمالها للاتصالات الهاتفية.. قبل ذلك جرت محاولات لتأمين ووضع ضوابط، تمنع التلصص والتجسس على الاتصالات، من خلال صياغة قواعد في مجال ضمان أمن المعلومات؛ فناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011م في الجلسة ال66 وضع قواعد لمنع مثل هذه الاختراقات. والآن، وبعد فضيحة سنودين والتطورات الراهنة، لا بد للدول العربية أن تتعاون مع الدول المتضررة في تحريك هذه المبادرة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ من أجل تحصين وإقامة قاعدة قانونية ضامنة للأمن القومي في مجال المعلومات. [email protected]