أكد الشيخ عبدالله بن راشد الغانم عضو الدعوة والإرشاد ومأذون أنكحة بمدينة الرياض على أهمية مراعاة الصبر والأناة والحلم في تسيير العلاقة بين الزوج والزوجة، مبيناً أن الخلافات الزوجية أمر طبيعي في هذه العلاقة، ومستعرضاً بعضا مما جاء في كتاب الله عن هذه العلاقة وكيفية علاج أي مشكلات تقع بين الزوجية. واستهل فضيلته حديثه عن الزواج والحياة الأسرية بقوله: إن الله تبارك وتعالى لما شرع الزواج قدر أن يكون في بعضه شيء من الخلاف بين الزوجين ووضح الله في كتابه العزيز المراحل التي يجب على المسلم أن يسلكها في حل خلافاته مع زوجته فبعض الناس يستعجل في الطلاق من أول خلاف يحصل حتى ولو كان بسيطاً بدون أن يتخذ السبل التي جاءت في الآية الكريمة في قوله تعالى:{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}، حيث أن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الآية وقسمها إلى مراحل على النحو التالي: أولاً: قال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} فيشرع للمسلم أن يبدأ مع زوجته بالموعظة إذا رأى فيها خللا في دينها أو خُلقها فيخوفها بالله ويبين لها خطر المعاصي وخطر معصية الزوج وكذلك يبين لها خطر مخالفة أمر الله ويذكر لها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة فإن كان لا يقدر فيحضر لها شريطاً أو كتاباً أو يستعين بأحد ممن يثق في دينه وعلمه فيطلب منه أن يوجه لها نصيحة أو موعظة. ثانياً: قوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } وهذا يكون مرحلة ثانية فيهجرها في الفراش ولا يكلمها ولا يعاشرها بل يبين لها أن لا رغبة له في الحديث معها ولا في غيره حتى يحرك عندها الإحساس بالهجران وأنه ثقيل على النفس وخاصة إذا كان في نفس الفراش. ثالثاً: {وَاضْرِبُوهُنَّ} وهذه المرحلة الثالثة وهي الضرب غير المبرح أي ليس قوياً جداً بحيث يضربها في شيء من أعضاء جسمها وأن يتق الوجه والمقاتل أي لا يضرب الوجه ولا الأماكن الخطرة التي قد تؤدي بها إلى الوفاة. وواصل فضيلته القول: وبعد هذه المراحل الثلاث قال تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} وهذا التوجيه الإلهي الكريم خاتمة للمراحل المتبعة مع الزوجة التي حصل منها مخالفة لأمر زوجها فإذا قبلت بالموعظة أو الهجر أو تأدبت بالضرب المعقول وفق الشرع فإنه حين ذلك لا يكون للزوج عليها طريقة ولا سبيل فيمسكها ويحسن عشرتها ويؤدي حقها كاملاً كما أمر الله تعالى وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن زادت الأمور تعقيداً فإن الله شرع التحاكم وأن يختار رجل مناسب من أهله وآخر من أهلها كما قال جل وعلا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}، ويقوم الحكمان بدراسة لوضع الزوجين والبحث في مواطن الخلاف والسعي إلى تقريب وجهات النظر بينهما وعدم ظلم أي أحد منهما لأجل الآخر بل يحكمان بالشرع وبما تبرى به ذمتهما، فإن لم يتوصل الحكمين للإصلاح فإن الله تبارك وتعالى قال: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} والفراق وهو آخر المراحل وهو الطلاق فلا بد أن يكون وفق الشريعة الإسلامية وأن يكون على السنة أي إذا عزم الزوج على فراق زوجته فينبغي عليه أن يتبع التالي: أولاً: أن لا يطلقها وهي حائض، وثانياً: أن لا يطلقها في طهر جامعها فيه، وثالثاً: أن لا يتلفظ بالثلاث وأن يطلقها طلقة واحدة طلاق السنة، ورابعاً: أن لا تخرج من بيتها مادامت في العدة وهي ثلاثة أشهر أو ثلاث حيضات، وله أن يرجعها مادامت في العدة بدون عقد جديد ولا مهر جديد. وأردف يقول: فإن انتهت عدتها ولم يراجعها فعليه أن يفارقها فلا يجلس معها في بيت واحد فإن رغب في مراجعتها بعد العدة فله ذلك ولكن بعقد جديد ومهر جديد وتحسب عليه طلقة واحدة فإن طلقها مرة ثانية فله أن يرجعها في العدة بدون عقد ولا مهر فإن خرجت من العدة فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد ومهر جديد وتحسب عليه طلقتان ويبقى له طلقة واحدة فإن طلقها الثالثة فله أن يرجعها في العدة بدون مهر ولا عقد فإن خرجت من العدة بعد الطلقة الثالثة فإنه يعتبر طلاقا بائنا بينونة كبرى فتحرم عليه ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، وطالب الشيخ الغانم في نهاية حديثه المسلم أن يتق الله في أحكام الشرع وخصوصاً أحكام الطلاق فإنها متعلقة بالأعراض والأنساب وخطرها عند الله عظيم فعلى المسلم أن يتق الله تعالى في زوجته فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وعلى الزوجة أن تتق الله تعالى في زوجها وأن تحفظ حقه في نفسها وفيما يجب عليها تجاهه فإن طاعته واجبة بنص الكتاب والسنة قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يؤلف بين قلوب المتزوجين وأن يعيذنا جميعاً من نزغات الشيطان الرجيم.