مع إفرازات العولمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الرهيبة التي يشهدها مجتمعنا (اليوم).. ظهر ما يسمى «بالفساد العلمي» ..ويعني في مفهومه قيام جامعات وهمية ببيع الشهادات العالية المزورة سواء شهادة الدكتوراه أو الماجستير عبر مكاتب (ادفع وتكون دكتوراً)!!.. مكاتب وهمية.. بدأت تنتشر في المجتمع تحت أسماء وعناوين لا تمت للحقيقة بصلة، وهي أبعد ما يكون عن العمل الأكاديمي, خاصة وأن ظاهرة الشهادات المزورة استشرت في أوساط بعض قطاعاتنا الحكومية، وبالتالي بات سوق الشهادات الوهمية أو المزورة سوقا يزدهر, وطريقا سريعا للثراء لبعض الجامعات المزيفة أو دكاكين الغش والنصب والاحتيال..!! وعندما تقوم بزيارة استطلاعية لهذه المكاتب التي صارت تتكاثر مثل نبات الفطر الذي يظهرفجأة في كل مكان وفي أي لحظة دون توقع, ودون رقيب من الجهات الرسمية المعنية.. ستكتشف أن الجامعة الوهمية عبارة عن غرفتين صغيرتين أو غرفة واحدة أشبه بالدكان..!! لايوجد بها إلا شخص واحد أو شخصين من جنسية عربية!! فتطلب منه الشهادة التي تريدها وفق التخصصات الموجودة (إعلام وإدارة وقانون واقتصاد.. الخ, يعني تخصصات لا تعتمد على تدريب تقني أو مختبرات ويسألك الموظف عن خبراتك الوظيفية، وعلى ضوء خبراتك يحدد المدة اللازمة لحصولك على الشهادة التي تطلبها فالحصول على الماجستير مدتها من شهر إلى خمسة اشهر..!! مقابل 20 ألف ريال، والدكتوراه تحتاج من ستة إلى تسعة اشهر مقابل 30 الف ريال، وبعد المفاوضات تقدم لصاحب الطلب التخفيضات المغرية مقابل الحصول على الشهادة المزورة، وربما تنخفض المدة الزمنية إلى شهر..!! ياسلام..! شهادة الدكتورة تنالها في شهر من جامعة النصب والاحتيال..!! هكذا مع تباطئ تحرك وزارة التعليم العالي ساهم في انتشار الجامعات الوهمية أو دكاكين الغش والتزوير.. جامعات لايوجد لها أي صفة قانونية أو أكاديمية.. حتى صرنا نسمع عن الجامعة الأمريكية بلندن, أو جامعة كولومبس الدولية أو جامعة نيونورك العالمية أو جامعة نورث لينكتن، وغيرها من الجامعات الوهمية التي بدأت تتكاثر كالفطر في مجتمعنا مع الأسف الشديد..!! وهذه المكاتب المزورة التي يتجاوز عددها أكثر من 100 مكتب.. حصلت على 500 مليون ريال بطريقه غير مشروعة مقابل بيعها على أرباب التباهي والبرستيج الاجتماعي..!! طبقا لدراسة متخصصة أجرتها وزراة التعليم العالي, وأصبحوا حملة الماجستير والدكتوراه بوة المال وراحة البال.. لا بقوة الفكر والوعي والكفاح والقيم الأخلاقية, وهذا يشكل أكبر وأخطر مظاهر الفساد, وحتى العلم تحول إلى وجاهة وإلى سوق للنصب والكذب، يقول علماء الاجتماع (الفساد العلمي).. أخطر من الفساد المالي والإداري والاجتماعي لأنه يجتذ القيم الأخلاقية والشيم التربوية من جذورها من فئة تعد طليعة المجتمع وصفوته, وحتى (مجتمعنا الرياضي) لم يسلم من يرقات (الفساد العلمي) وإرهاصاته مثل باقي القطاعات الحكومية التي قامت بالتعاون مع جهات رقابية ووزارة التعليم العالي بسحب 620 شهادة مزورة معتمدة في تلك الجهات بوظائف قيادية كبيرة, وبلغ عدد الشهادات المزورة لحملة الدكتوراه 234, وحملة الماجستير 330, وحملة البكالوريوس 56 شهادة, ولم تعترف الوزارة بالشهادات التي وجدتها في ملفات 234 قيادياً يحملون مناصب وكلاء في خمس وزارات ورؤساء إدارات ووكلاء عموم, وشهدت الحملة استقالة قيادي في منصب مرموق وطلبت الوزارة تقاعدا مبكراً لأكثر من ألفي موظف حكومي خلال الثمانية اشهر المقبلة (صحيفة المدينة العدد 18371), لذلك لا نستغرب إذا فوجئنا بمن ينتسب للأسرة الرياضية في المجال الإداري أو الفني أو الإعلامي وظهرفجأة وعلى طريقة نبات الفطر..!! وقد حصل على لقب (دكتور) بقوة المال لا الفكر.. خلال شهر أو يزيد من جامعة (ادفع وتكون دكتورا).. والبركة في عقدة النقص المركبة..!! وهناك نماذج (..)..!! في وسطنا الرياضي مع الأسف قامت بشراء شهادات مزورة من بعض المكاتب المشبوهة التي تقوم بترويج الشهادات المزيفة بحثا عن الثراء السريع والمكاسب المربحة.. على حساب المبادئ والقيم والمعايير الأكاديمية والأخلاقية.., وقبل أن نجد أنفسنا أمام أزمة مجتمعية أخلاقية.. ينبغي إنشاء مركز وطني متخصص لمعادلة وتوثيق الشهادات العليا.. يتولى الكشف عن الشهادات المزورة التي تمنح من الجامعات الوهمية, ويقوم المركز بمعادلة الشهادات العلمية بما يتماشى مع المعايير العالمية والأكاديمية والتنظيمية التي يعتمدها المجلس العلمي للمركز الوطني, وسّن عقوبات صارمة بالتعاون مع وزارة الداخلية.. لمن يرتكب مثل هذه المخالفات والتجاوزات التي تتنافى مع قواعد الضبط الأخلاقي والقيمي والاجتماعي. Twitter@kaldous1