- بندر خليل - علي بلال: في رحيل ابن الصحراء، طائر الشمال، وأمير الصعاليك، الكاتب والأديب سليمان بن فليّح بن لافي العنزي, تتلعثم اللغة وتذوب الكلمات التي طالما أجاد لعبتها هذا الأديب الفذ.. فلا يكون الحزن وحده كافيا للتعبير عن هذا الفقد الجلل، ولا يكون أيضا البكاء كافيا للتعبير عن الفراق الذي لا مفر منه في هذه الحياة. ولد الفقيد سليمان الفليح في منطقة الحماد شمال المملكة العربية السعودية حيث كان يملك قطعان والده الشاعر فليّح بن لافي رحمه الله، وكما قال الفقيد في إحدى لقاءاته الأدبية (توفي أبي وأنا ابن أربع سنوات وأصبحت يتيماً ولم يكن لي إخوة، فقلت حينما أتزوج سوف أنجب قبيلة من الأبناء تعوضني مأساة اليتم، لكي لا تذوقوا ما ذقت من مرارة اليتم والوحدة دون إخوة!! وضعتني أمي تحت شجيرة في الصحراء ولفتني بطرف عباءتها ثم سارت تغني في ركب القبيلة الضاعنة نحو حدود الغيم). صدرت له ست مجموعات شعرية أولها في عام 1979 (ديوان الغناء في صحراء الألم) وآخرها في 2009 (البرق فوق البردويل 2009). كما صدرت له العديد من الدراسات النقدية والأنثربولجية منها ما درس خلالها أعراف وعادات البدو، وصعاليك العرب، وغيرها من الدراسات. كما ترجمت أعماله إلى عدة لغات منها الإنجليزية والروسية والفرنسية. غير أن الكثيرين لا يعرفون أن الكاتب الأديب الفليح رحمه الله، كان رجل حرب، خلال عمله العسكري، حيث شارك في حرب الاستنزاف على الحدود المصرية السورية في 1972م، وحرب الخليج 1990م (عاصفة الصحراء). بعد تحوله من العسكرية إلى الحياة الأدبية والمدنية، كتب في العديد من الصحف العربية والخليجية كاتبا رسميا. ثم بدأ الكتابة في صحيفة الجزيرة في زاويته «هذرلوجيا» الثلاثاء السابع من فبراير سنة 2006، بمقال تطرق فيه إلى احتلال العراق وآثاره على الجنود العراقيين والحياة بشكل عام في المنطقة. غير أن الأديب الفليح لم يرحل قبل أن يترك أثره الكبير من بعده من خلال أبنائه الإعلامي سامي سليمان الفليّح والشعراء بسام، ومساعد، وسعود، وأسامة، وسعد وباسم الذين يتنبأ لهم بمواهب واعدة. وفي اتصال هاتفي بابنه الزميل سامي الفليّح أوضح أن والده لم يكن يعاني من مرض قبل ذهابه إلى العاصمة عمان، وأضاف أنه عند وصوله «عمان» وفي يوم الثلاثاء بدأ يعاني من سعال حاد، فأدخل على أثره إلى إحدى مستشفيات «عمان» عند الساعة السابعة مساء من يوم وصوله. وأضاف: أخذت له الفحوصات الطبية واكتشف الأطباء بأنه يعاني التهابا رئويا حادا، ولم يمهله المرض طويلا فقد وافته المنية في السابعة من مساء يوم الأربعاء المنصرم. وقدم الزميل سامي الفليّح شكراً خاصاً لاثنين من موظفي السفارة السعودية في الأردن وهما عزام الأيداء وبدر الفردي حيث كان مرافقين لنا منذ دخول والدنا المستشفى ولم يفارقونا لحظة واحدة حتى تم دفن الجثمان.