كنا فيما مضى نعاني من عدم وجود قوانين وأنظمة ولوائح مكتوبة، وكان العمل يقوم على التعاميم والتوجيهات المدونة أو غير المكتوبة, التوجيه الشفوي والمكالمات التليفونية والاجتهادات حتى أن هناك لوائح لم تعدل منذ أكثر من 40 سنة وتكشفها دائما الغرامات المالية وأسماء الجهات والوزارات التي تغيرت وبقيت في القوانين على تسمياتها القديمة قبل أكثر من (40) سنة. في السنوات الأخيرة تغير تقريباً كل شي وانتقالنا من شح القوانين والأنظمة واللوائح إلى تخمة بالقوانين وشروحاتها وتفسيراتها ومعاييرها حتى قيدنا أنفسنا بتفاصيل ألزمتنا وقيدتنا أصبحنا لا نقوى على الحراك. وهذا يعود إلى قلة وندرة خبراء القانون والإدارة مما دفع بالموظفين التقليديين إلى كتاب أنظمة القطاعات أو على الأقل اللوائح والاشتراطات والمعايير دون أفق قانوني, استفاد من هذا الفراغ المهني إدارات كثيرة أبرزها إدارات المالية والإدارية في الإفلات من اللائحة والتحايل على النظام، كما تسلق لقيادات الإدارات موظفون لا خبرة لهم واستلموا إدارات عليا برتب وظيفية عالية وأصبحوا أصحاب قرار محدثين أخطاء جسيمة وجروا ورائهم كوارث إدارية راح ضحيتها الموظف والإدارة وجهاز الدولة الذي كلما قلنا إنه تعافى أنتكس بقيادات إدارية لا تملك خبرات. قطاع الخدمات في الوزارات من أكثر الجهات معاناة في سلسلة الأخطاء الإدارية من تجميد في الوظائف، وضياع حقوق الموظف، ونقص التدريب، والترقيات الشرفية وانتدابات الأصدقاء، وتعيين المعارف والأهل، وخارج دوام الموالين، وغض الطرف عن دوام ممن هم في رضا العين والقلب، والسفر لرفيق الدرب وابن العشيرة والقرية ومن تأنس النفس له. هذا بعضاً من واقع قطاع الخدمات سلوكيات قيادات وظيفية يفترض أن تكون أمينة على المال العام وعلى الوظيفة وعلى مصالح الدولة نجدها تتمتع بامتيازات الوظيفة وتتحصل على مكاسب من ترقيات ومناصب وصلاحيات مالية لا رقيب عليها لذا لا نتفاجأ بانهيار إداري لقطاع خدمي بسبب تصرفات شخصيات تسلقت إلى المناصب عبر أبوابه الخلفية وتزكيات ووساطات المعارف والأقارب, حين تم تمرير قراراتهم وتعيينهم بغفلة من الزمن أو تحت ظروف غير عادية. الأخطاء الإدارية مثلها مثل الأخطاء الطبية تنخر في جسد إدارات المرافق يدفع ثمنها دائماً الوطن والمواطن.