لقد اتخذت المملكة العربية السعودية تجاه الثورة المصرية الثانية التي اندلعت في الثلاثين من يونيو والتي أدت إلى عزل الرئيس محمد مرسي موقفاً يتسم بالوقوف إلى جانب الشعب المصري ويأتي تأكيداً على تعامل المملكة العربية السعودية مع الشعوب وليس مع الأنظمة الحاكمة، فالمملكة العربية السعودية كدولة لها دورها الإقليمي وتأثيرها على ساحة الأحداث لم تتخذ هذا الموقف من منظور عزل الرئيس المصري محمد مرسي أو الانقلاب على الشرعية الدستورية كما يدعي البعض، بل إن كل ما كانت تنظر وتسعى له هو إرادة الشعب المصري واحترام اختياره وتنفيذ مطالبه وحقه في تقرير مصيره ليس فحسب، بل الحفاظ على مصر الشريك الحيوي في المنطقة من الانزلاق في حرب أهلية. العلاقات السعودية المصرية علاقة وثيقة تتسم بالتحالف الدائم فلقد تعاونا البلدين على قدر عال من المشاركة والرأي وتقارب لوجهات النظر في كثير من قضايا المنطقة، فمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بتقديم التهنئة للرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور والإشادة بدور القوات المسلحة المصرية ممثلة بالفريق أول عبد الفتاح السيسي في حل الأزمة الدائرة في حينها والاطمئنان والمتابعة ما بين الفينة والأخرى مع قيادات الجيش عن الأوضاع الأمنية المصرية بعيد عزل الرئيس محمد مرسي يأتي كدلالة لما تحظى به دولة مصر من مكانة لدى المملكة العربية السعودية ويعكس أيضاً مدى رغبة المملكة العربية السعودية في الحفاظ على علاقتها مع دولة مصر وكمحاولة لتطوير وتقوية روابط العلاقة ما بين البلدين التي يبدو أنها قد تأثرت وأن لم يكن ذلك بشكل مباشر خاصة بعيد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وما شهدته الفترة في حينها من أحداث ألقت بظلالها على العلاقات ما بين الرياض والقاهرة. أما عند الحديث عن الدعم الذي بلغ الخمسة المليارات والذي قدّمته المملكة العربية السعودية لدولة مصر نجد أنه يأتي كبادرة لإنعاش الاقتصاد المصري الذي يبدو أنه قد تأثر كثيراً بمجريات الأحداث السياسية في مصر خاصة في الآونة الأخيرة، ويأتي أيضاً كمحاولة للتشجيع والشد على يد الحكومة المصرية الجديدة حتى تتمكّن من تنفيذ مطالب الشعب المصري حتى يتسنى للأوضاع أن تعود كما كانت عليه، أضف إلى ذلك أن هذه ليست المرة الأولى التي تدعم المملكة العربية السعودية دولة مصر اقتصادياً، بل سبق أن قدّمت ضمن برنامج اقتصادي متكامل دعماً يقدّر بأربعة مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري والمشاريع التنموية وذلك إبان العام 2011 بعيد تنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة، هذا أيضاً إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الدعم السعودي لا يرتبط بأشخاص أو حكومات معينة بقدر ما يأتي ليصب في صالح الشعب المصري بغض النظر عن النظام الحاكم.