صدر عن دار جداول للنشر والترجمة كتاب «المسائل الكبرى في القرآن الكريم» للدكتور المفكر الباكستاني فضل الرحمن، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة شيكاغو سابقاً. وقد نقله إلى العربية محمد أعفيف. من المقدمة: كتب المسلمون وغيرُ المسلمين الكثير عن القرآن الكريم. فمُفسرو القرآن الكريم من فقهاء الإسلام قد أفاضوا في تفسير القرآن الكريم متناولين سوره آية آية بدقة متناهية. وبصرف النظر عن أن جل مشاريع التفسير يعبر بإسهاب عن وجهات نظر ذات أغراض معينة، فإن التفاسير بطبيعة منهجها لا يمكن أن تؤدي إلى تبصر كامل بالقرآن الكريم وإعطاء نظرة متماسكة عن العالم الغني الذي يزخر به، ولا شك، القرآن الكريم. وفي الفترة المعاصرة، أنتج غيرُ المسلمين والمسلمين أنفسهم عددا من الأعمال أعادوا فيها ترتيب سور القرآن الكريم بحسب موضوعاتها. وعلى الرغم من أن هذه الأعمال يمكن أن تصلح، في حدود ما، مصدرًا أو فهرسًا، إلا أنها لا تقدم العون لمن يرغب في الاطلاع بنفسه على ما يقوله القرآن الكريم عن الله والإنسان أو المجتمع. فلهذا نأمل في أن يستجيب هذا التأليف للحاجة الملحة الداعية إلى تقديم عام لكبرى قضايا القرآن الكريم. باستثناء معالجة بعض الموضوعات المهمة، من قبيل اختلاف الجماعات الدينية وإمكانية المعجزات وواقعيتها وكذا الجهاد، فإن المنهج الذي اتبعناه في تركيب الموضوعات ينحو إلى التركيب المنطقي أكثر مما ينحو نحو الترتيب الزمني (الكرونولوجي). فمثلًا عند مناقشتنا لموضوع الله تعالى، طرحنا فكرة التوحيد - التي هي إلزامية منطقيًا - بمثابة حجر الزاوية في كامل معالجتنا للموضوع. أما الأفكار الأخرى التي ترد في القرآن الكريم عن الله تعالى، فهي إما مشتقة منها أو منضوية تحتها، حيث بدا لنا أنه النهج الأفضل في توطيد المفهوم التركيبي عن مفهوم الله في القرآن الكريم. وبصرف النظر عن هذا، فإن القرآن الكريم يتحدث بنفسه عن ذاته؛ حيث لم نلجأ إلى التأويل إلا عند الضرورة للربط بين الأفكار.