يثير استغرابي في مجتمعنا فئة من الناس يعتقدون أن وجهات نظرهم هي الحقيقة المطلقة وأنهم أشبه بملائكة، حيث لا يخطؤون.. وأن آراءهم لا تحتمل الخطأ، ليست هذه المعضلة وحسب، بل المشكلة أنهم يزجون بالدين، لذا نراهم يعتقدون أن الجنة لهم ولأمثالهم فقط وأي شخص يعارضهم فهو في الدرك الأسفل من النار.. تذكرني هذه الفئة بفرعون ودكتاتوريته، حيث اعترض على دعوة موسى كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي . ذات مرة كتبت في تويتر الآية القرآنية : إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . النور: 23 وقد فوجئت برد أحدهم يقول: لستِ من المؤمنات المقصودات بالآية، فالمؤمنات يحترمن أنفسهن ويغطين وجوههن.. شخصياً أتساءل أحياناً من شدة الهجوم الذي أتلقاه، هل وجهي سبب سقوط الحضارة الإسلامية؟! وهل عندما أقوم بتغطيته ستنهض أمتنا ونعود كما كنا؟ عندما دخلت إلى صفحته لأعمل له «بلوك» - أزعجتني ردوده العدائية - لكن المدهش أني وجدته يتغزل بفتيات أخريات، عندها أدركت سبب سقوطنا الحضاري والإنساني.. أمثاله هم السبب! بعض الزميلات يبغضن مجالستي في المدرسة بسبب مشادة كلامية حصلت عندما أمرتهن بالتوقف عن شتم أحد العلماء لأنه أباح الموسيقى! لكن ما نرفزهن وجعلهن يتركنني هو أني عددت لهم أسماء الأغاني التي يسمعنها وأزعجنني بتكرارها! مثل هذه المواقف والكثير الكثير تدل على أن بيننا - وأخشى أنها فئة واسعة في المجتمع - تعاني من الازدواجية الأخلاقية في القيم والتعامل، فلم يعد غريباً أن تشاهد وتسمع بعض فئات المجتمع تتغذى على لحوم بعضها البعض، وتعادي بعضها البعض لأسباب تافهة، أشغلتها النزاعات الطائفية التي لن ننتهي منها وأشغلهم سوء الظن وعشق فضح الآخرين والإساءة إليهم عن العودة إلى أعماق قلوبهم ومعرفة حجمهم الحقيقي.. في العالم العربي لابد أن تُنفض هذه المخلفات الفكرية.. لابد أن نرتقي وأن نحب بعضنا بعضا مهما اختلفنا.. يقول الصحفي والكاتب الأمريكي ماكس ليرنر الذي عمل أستاذا في جامعة هارفارد: «إما أن يتعلم البشر كيف يعيشون كالإخوة أو يموتون كالبهائم». أتساءل متى سنعرف الفرق بين القشور والأساسيات؟ متى سنرفع رؤوسنا لنعود إلى العظمة التي كنا ننعم بها؟. @Afnan1000