على نسيج جغرافي بين الصخري والتلال تقع الفيحاء «عنيزة» عروس الصحراء الفاتنة التي تحيط بعقدها واحات غناء ورمال ذهبية.. جمال طبيعي لا يعرف لغة المكياج والمساحيق وازدادت جمالاً بغابات الغضا تلك النبتة السحرية.. ان هذا التكوين البيئي الفريد وجد أيدي أمينة.. رسمت خطة لحمايته وتطويره في وقت مبكر، وقصة الوفاء وحكاية الانتماء لهذه المحافظة بحر لا ساحل له فهناك عشق غريب من أبناء «باريس نجد» مهما ابتعدت بهم المسافات ومهما كان حجم همومهم التجارية والاقتصادية والوظيفية، لكنهم اتفقوا على صناعة حضارية لهذه المعشوقة ولكن قد يختلفون بطريقة الوفاء.. إن نموذج الوفاء لهذه المحافظة مدارس متنوعة لكنها تلتقي من خلال هدف سام «حب عنيزة». في عقود ماضية انطلق رجال من عنيزة ليبتغوا من فضل الله هنا وهناك داخل الوطن وخارجه، ومارسوا عملية البيع والشراء والتجارة.. وشيئاً فشيئاً كتب الله التوفيق لهم ودخلوا عالم المال والأعمال فولدت بيوت اقتصادية جيل بعد جيل فبالأمس كان الآباء والأجداد واليوم الأبناء والأحفاد.. أسر مالية عريقة كافحت ونحتت الصخر حتى بارك الله في مالها وأحوالها.. لكنها لم تنس مسقط رأسها وتقديم الغالي والنفيس إنها «بيوت» بارة ووفية وكأن هذه المحافظة أم أسقتهم حليبها فسرى في دمائهم وعروقهم، كما أن عاطفة المحبة وتنميتها وتطبيقها لا تقف عند أصحاب المال والأعمال ولكن هناك عقول مسؤولة تسهم وتصنع الفكرة وتشجع وتسهم بكل مشاعرها المستطاعة حتى يتحول الحلم إلى حقيقة والفكرة إلى واقع.. وهناك سواعد تسهم في البناء والتشغيل.. ولو عرجنا قليلاً على نموذج جميل وشاهد على ذلك.. فمجمع الجفالي للرعاية والتأهيل كانت فكرة المشروع إنسانية خيرية رسمها مجموعة من رجال الأعمال والمسؤولين وعلى رأسهم سعادة الأستاذ عبد الله اليحيا السليم رئيس مجلس إدارة جمعية عنيزة للتنمية والخدمات الإنسانية.. لتتبلور الفكرة عام 1427ه ويتم تشغيله عام 1430ه بدعم وتمويل كامل من الشيخ علي العبد الله الجفالي على مساحة تقدر (60.000 م2) وتكلفة إنشاء المباني ب(42000.000) ريال وتكليف التجهيز للمرحلة الأولى ما يقارب ب(10.000.000) ريال.. أما ما يقدمه هذا الصرح الإنساني فهي خدمات تفوق الوصف وترقى للخيال، فقد جمع بين الإيواء والخدمات الصحية والتعليمية والتربوية والتأهيلية والترفيهية والرياضية والعلاج الطبيعي.. تقدم لفئة غالية علينا جميعاً وجزء من نسيجنا الاجتماعي هم ذوي الاحتياجات الخاصة ذكوراً وإناثاً.. هذا المجمع منظومة من المراكز المتخصصة والمدارس الخاصة إضافة إلى مركز للبحوث والتدريب. فالزائر أمام وقف إنساني شيد على أحدث المواصفات وجهز بكل جديد في عالم التقنية والأدوات وقبل هذا كوادر بشرية وإدارية متخصصة في هذا المجال تحت إشراف الأستاذ فهد بن علي الوهيبي الأب الروحي لهذه الفئة.. إن هذا المجمع العملاق التي تجاوزت خدماته حدود عنيزة الجغرافية ومنطقة القصيم.. هو أحد مشروعات جمعية عنيزة للتنمية والخدمات الإنسانية وهناك شقيق له تحت مظلة الجمعية هو مركز الشيخ علي العبد التميمي للتربية الخاصة الذي تم افتتاحه في مطلع 1424ه وكانت أرضه هدية من التميمي (مزله ومزرعته) وتقدر مساحته ب8000م2، ويقدم المركز عدة خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة من أهمها وحدة التدخل المبكر وحدة التربية الفكرية، وحدة التوحيد والإعاقة السمعية وبرنامج الخدمات الطبية والمساندة إلى جانب وحدة علاج النطق. إن زرع الجميل وتكريم المحافظة شعار رفعه رجال وأبناء عنيزة وجعلوه هدفاً أساسياً.. وحكاية تأسيس مركز صالح بن صالح الاجتماعي عام 1403ه كانت من خلال وثيقة ومحضر المؤسسين البالغ عددهم 27 شيخاً وكانت فكرة معالي الأستاذ عبد الله النعيم التلميذ الوفي لأستاذه المعلم الفاضل صالح بن ناصر الصالح - رحمه الله - وفي عام 1406ه اكتمل التأسيس وافتتح المركز في 9 - 9 - 1407ه وهو الآن يقدم خدمات جليلة للمجتمع اجتماعية وثقافية وتدريبية وتوفير مصادر التعلم من خلال مكتبات وتنظيم المعارض والندوات ونشر المخطوطات، إلى جانب تنمية المسرح والنشاط الثقافي والفني والتشكيلي والرياضي ورعاية الإنتاج والإبداع إلى جانب الاهتمام بالموروث الشعبي بأشكاله وألوانه والإسهام بأنشطة خيرية محدودة. أما أبناء عبد العزيز محمد العوهلي فكان لهم حكاية أخرى من الإبداع والتوجه التطوعي الخيري المتمثل في مؤسسة عبد العزيز محمد العوهلي لتنمية المجتمع التي يقف من ورائها الأستاذ فهد بن عبد العزيز العوهلي رئيس أمناء المؤسسة وصاحب ثلوثية العوهلي وهذا ليس بغريب فوالده مدير مدرسة الأيتام.. وهي مؤسسة خيرية ليست على الأنماط التقليدية فلها رؤية عامة وهي خدمة وتنمية المجتمع بمسؤوليه ولها رسالة تحت أهداف متعددة: 1 - إنشاء وحضانة مشروعات مهنية وتجارية يعمل بها ويمتلكها أبناء المجتمع الأكثر حاجة. 2 - تبني ورعاية العامل التطوعي المؤسسي المستديم. 3 - إنشاء ورعاية منشآت تربوية علمية متميزة. 4 - استشراف المستقبل ودراسة الظواهر السلوكية في المجتمع ورعاية وتحفيز الإيجابية منها والمشاركة في علاج السلبية «وما الضمادون ومروءة والمجلس» إلا نماذج مشرفة وكل منها مشروع يحتاج إلى وقفة وتأمل!! وبحق فان مؤسسة العوهلي تصنع الإبداع وتطرز العمل الخيري بثوب جديد ومنهج مغاير وترسم شعاراً جديداً للعمل الإنساني والاجتماعي الخيري. إن عنيزة عالم جميل وبيئة حاضنة لكل ما هو مفيد وجديد حتى في مجال الدعوة، فالزائر القادم لعنيزة من جهة الغرب يقابله مبنى من 7 أدوار استوحي تصميمه من أشكال الكتب وهو مؤسسة العلامة الجليل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وكانت الفكرة الأولى عندما شعر أبنائه البررة بضرورة جمع تراث والدهم العلمي وتخليد ذكره وصلة ما انقطع من عمله من خلال عمل مؤسسي منظم.. وصدر القرار الوزاري بذلك.. ليعلن صاحب الأيادي البيضاء صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز بتكفله بإقامة المشروع على حسابه الخاص وقبوله رئاستها الفخرية. أما عن استراتيجية المؤسسة فلها هدفان الأول العناية والاهتمام بالتراث العلمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - من الكتب والرسائل والفتاوى والخطب والدروس والمحاضرات والمقالات والعمل على نشره بكل الوسائل المتاحة المقروءة والمسموعة واللغات المختلفة وتوثيقه على أصوله المعتمدة من فضيلته - رحمه الله تعالى - ومنح أذونات الطباعة والنشر الخاصة بهذا الشأن. الهدف الثاني مواصلة الأعمال التي كان يقوم بها فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - في مختلف ميادين الخير والبر والإحسان ومنها: 1 - رعاية شؤون طلبة العلم بجامع الشيخ. 2 - مساعدة الفقراء والمحتاجين. 3 - بناء المساجد ومشروعات النفع العام. 4 - دعم جمعيات تحفيظ القرآن والجمعيات الخيرية. 5 - صرف أموال الزكاة والصدقة في الوجهة الصحيحة. 6 - تحمل نفقة الحج للمحتاجين الذين لم يسبق لهم أداء فريضة الحج. أما عالم السياحة في محافظة عنيزة فهو إنجاز فريد وحكاية أخرى فالحاجب: ذلك المنتجع البري الكبير الذي استوعب العوائل والشباب وأنشطة مهرجانه الاجتماعي والدعوية وحكاية المسوكف ومصانع الفحم والأسر المنتجة، ناهيك عن مرسم الفنان المبدع الساحر صالح النقيدان والانسجام الكبير في الرؤى بين لجنة الأهالي وبلديتهم ومحافظتهم فسيكون لنا وقفة أخرى في القريب العاجل - إن شاء الله - وقد انطبعت هذه المشاعر حول عنيزة من خلال المشاركة في قافلة الإعلاميين على مستوى المنطقة في يوم الخميس 4 - 8 - 1434ه وإلى اللقاء. [email protected] - الرس