يوم الجمعة الماضي وقف عملاء أحد البنوك السعودية ممن يحملون بطاقات ائتمان صادرة من ذلك البنك أمام موظفة الاستقبال في فندق لندني يضربون أخماساً بأسداس لأن البطاقة التي قيل لهم: إنها تغنيهم عن حمل «الكاش» لا تستجيب لكل المحاولات التي بذلتها الموظفة من أجل خصم مبلغ إيجار الفندق الذي لا يسمح لزبائنه باستلام مفاتيح غرفهم قبل دفع كامل الإيجار! كانت البطاقات لا تستجيب رغم أنها «مفعلة» قبل السفر ولا يعاني حَمَلتُها من أي مشكلات ائتمانية من أي نوع على الإطلاق! أجرى عملاء البنك اتصالات متلاحقة مع مركز بطاقات الائتمان في ذلك البنك في السعودية مباشرة، فأخبرهم الموظف السعودي أن «النظام متعطل» الآن وأنه يحتاج إلى ساعة واحدة لا أكثر ثم يعود إلى العمل، ثم ختم إجابته باستفسار شكلي بارد: «هل استطيع تقديم أي خدمة أخرى لكم؟»؛ وهو استفسار استفزازي يشبه العبارة الشكلية الباردة التي يطلقها مضيفو الخطوط السعودية عندما يشكرون ركاب الرحلات الداخلية على اختيارهم الخطوط السعودية، فهو شكر يستفز المسافر لأنه بلا معنى. ومثل ذلك استفسار موظف البنك، فعن أي خدمة يتحدث وهو قد ترك عملاءه المسافرين في هذه الحالة من «البهدلة» والضياع في بلاد بعيدة يحملون بطاقات بلاستيكية بلهاء جامدة لا حراك بها ولا قيمة لها!؟ وعلى غير عادة الإنجليز المعروفين ببرودهم الشديد، بدأت موظفة الاستقبال تغضب لأن طابور الزبائن الطويل صار يتراكم وهي غير مقتنعة بالعذر الذي يلقي باللوم على «السستم العطلان». وبالطبع هي معذورة لأنها لا تعرف أن هذا العذر يعتبر في بلادنا من الأعذار المفحِمة فإذا قيل لك عندنا أن «السستم عطلان» فما عليك إلا أن تختار أحد أمرين: إما أن تصبر فالله مع الصابرين، أو أن تجزع وتضرب رأسك بأقرب»حيط» حتى تريق آخر قطرة من دمك لأن «السستم» قد لا يعود إلى العمل إلا يوم غدٍ أو بعد غدٍ أو ربما بعد شهر! قالت الموظفة لزبائنها السعوديين: «اسمعوا! هذه مشكلتكم. إما أن تتحرك هذه البطاقات الميتة أو تدفعون كاشاً». قالوا لها: «نحن جئنا من السعودية لا من إفريقيا. نحن في السعودية ودعنا زمن الكاش وزمن الشيكات السياحية منذ زمن بعيد». كادوا يقولون لها أيضا: إن السعودية عضو في مجموعة العشرين الاقتصادية إن كنتِ لا تعلمين أيتها السيدة الإنجليزية المتعجرفة، ولكنهم خافوا من غضبة إنجليزية عاتية، لأن الإنجليز وإن كانوا باردين في معظم الأحوال إلا أن طباعهم سيئة جداً عندما يغضبون! أعطتهم الموظفة الإنجليزية ساعة واحدة ليتدبروا أمورهم: فإما أن تعود الحياة لبطاقات الائتمان أو أن يدفعوا الإيجار كاشاً! وبعد أن تكوَّموا على «كنب» في أقصى اللوبي فتشوا في جيوبهم ومحافظهم وحقائبهم ووجدوا مبلغاً من «الكاش» لا يغطي كامل المدة ولكنه ربما يكفي لمدة ليلتين أو ثلاث ويُعَبِّر عن حسن نيتهم وقد يفتح الله عليهم وينفتح «السستم العطلان» خلال تلك المدة. تمت الأمور في النهاية على ذلك النحو الكئيب، وصعد السعوديون إلى غرفهم تشيعهم تهديدات موظفة الاستقبال، وشعروا أنهم ما «يسوون هللة». عاد «السستم العطلان» إلى الحياة، ولكن ليس بعد ساعة ولا ساعتين وإنما بعد عدد طويل وثقيل من الساعات! أيها «السستم العطلان» أبداً! تعودنا عليك وصبرنا وقبلنا دلالك وإذلالك لنا في ديارنا، فما بالك تلاحقنا إلى هنا!؟ الله لا يسامحك! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض