يقول ابن خلدون، وهو العالم الأشهر والغني عن التعريف في دقة الكثير من أطروحاته لا سيما في مجال علم الاجتماع: اعلم أن فن التأريخ فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم. حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا فهو محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوّعة، وحسن نظر وتثبت، يفضيان بصاحبهما إلى الحق، وينكبان به عن المزلات والمغالط، لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور، ومزلة القدم، والحيد عن جادة الصدق. هذا حديث ابن خلدون المتوفى في آخر شهر رمضان من سنة (808 ه) وهو يضع أساساً مهماً في الحكم على الآخرين وأنه لا يكون دقيقاً إلا بدراسة تاريخهم، يا ترى لو كنا ندرس تواريخ الكثير من المشاهد التي نتعامل معها في حياتنا اليومية ألن يكون حكمنا أدق. خذ مثلاً آخر: كثير من الجوانب التي نشاهدها اليوم في ظل هذه التطورات السياسية المثيرة في وطننا العربي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه أليس فهم تاريخها وسابق عصرها مفيد لنا في الحكم عليها بشكل أدق؟! هذا ما يؤكّده ابن خلدون في حديثه! [email protected] للتواصل: على التويتر @yousef_alateeg- فاكس 2333738