قال رئيس جامعة عالميَّة للتمويل الإسلامي: إن جامعته تسعى لسد فجوة الكوادر البشرية المؤهَّلة القادرة على قيادة الصناعة، معتبرًا أن الصناعة مقبلة على توسع كبير مع تحوّل مركز ثقل الثَّرْوة من الغرب إلى الشرق واهتمام قوى كبرى بها. وقال داود فيكاري عبد الله رئيس المركز الدَّوْلي لتعليم التمويل الإسلامي (INCIEF)، وهي جامعة ماليزية دوليَّة متخصصة في برامج التمويل الإسلامي، وحدها «ماليزيا أدركت قبل سنوات أن التمويل الإسلامي يواجه عقبة كبيرة هي نقص رأس المال البشري المؤهل. وأضاف عبد الله الذي تحدث إلى رويترز على هامش مؤتمر للصناعة بالقاهرة «حين أسسنا الجامعة سنة 2006م كنت أنا الرئيس التنفيذي لبنك إسلامي في ماليزيا. التَّحدِّي كان أن الصناعة تسير بسرعة كبيرة جدًا وتساءلنا: من أين نأتي بالموارد البشرية للمناصب العليا؟ ومن هذه المناقشات ولدت الجامعة. أسس «بنك نيجارا ماليزيا» البنك المركزي في ماليزيا أول جامعة دوليَّة متخصصة في الدِّراسات العليا للتمويل الإسلامي عام 2006م وخصَّص لها صندوقًا ائتمانيًا برأسمال 200 مليون دولار. ويقول عبد الله الذي عمل رئيسًا لأنشطة التمويل الإسلامي العالميَّة بشركة ديلويت للاستشارات قبل التحاقه بالجامعة «في العام الأول كان لدينا حوالي 50 طالبًا من سبع دول. هذا العام لدينا 2000 طالب من أكثر من 80 دولة... بسبب الحاجة الكبيرة للجامعة أصبحت مركزًا عالميًّا لتدريس التمويل الإسلامي. ويضيف «نموذج الجامعة قائم على تخريج ممارسين واعين بالجوانب التطبيقية للتمويل الإسلامي كالتدفقات النقديَّة وإدارة السيولة وإدارة المخاطر وتطوير المنتجات... هذا ما تحتاجه الصناعة. وتقدم الجامعة ثلاثة برامج هي: ماجستير ودكتوراه التمويل الإسلامي والبرنامج التنفيذي في التمويل الإسلامي وهو شهادة تطبيقية. وتوفر برامجها من الحرم الجامعي في ماليزيا وعبر شبكة الإنترنت. كما تقدم خدمات الاستشارات والأبحاث في التمويل المتوافق مع الشريعة ومجالات ذات صلة مثل الوقف الإسلامي. وأشار عبد الله إلى أن جامعته تتوقع تقديم برامجها في شمال إفريقيا عبر شراكات مع جامعات محليَّة متوقعًا أن تقدم الجامعة شهادتي الماجستير والدكتوراه في مصر عام 2013 عبر تعاون مع جامعة مصريَّة لم يفصح عن اسمها. وتقود ماليزيا صناعة التمويل الإسلامي في العالم وتستحوذ على نسبة 20 في المئة من إجمالي أصول الصناعة وهي أكبر مصدر للسندات الإسلامية (الصكوك) في العالم. ويرى عبد الله أن شغف العالم بالتمويل الإسلامي تزايد بِشَكلٍّ كبيرٍ في السنوات الأخيرة. وقال: إن «الأزمة الماليَّة العالميَّة كشفت عددًا من المشكلات المُتَعَلِّقة بفهم طبيعة المعاملات وتفاصيل المنتجات وبالشفافية. في الماضي كان هناك ثقة في الصناعة الماليَّة العالميَّة تبددت الآن. «كثير من غير المسلمين يسألوننا عن التمويل الإسلامي. يمكَّنهم بسهولة فهم تحريم الإسلام للمضاربة النقديَّة ودعوته لتقاسم الأرباح وللشفافية في العقود. لكنهم يجدون صعوبة في فهم تحريم الربا... حين شرحنا لهم هذا وبدأنا نحصل على اهتمام منهم. وتابع «قبل عشرة أعوام وجد الصينيون في ماليزيا التمويل الإسلامي أرخص من التَّقْليدي. كان البنك الإسلامي يعطي خمسة في المئة عائدًا سنويًا. وكانت النَّاس تقول: إن أودعت 100 ألف دولار سأحصل على خمسة آلاف دولار. نجحت هذه الفكرة في جذبهم. «لكن حين تقول لهم سنتقاسم الربح معكم بنسبة 50-50 أو 60-40 أو 70-30 كثير منهم لا يفهم ذلك ولا يقتنع. حين كنت الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الإسلامية كنَّا نريد جمع أموال... ذهبت للجالية الصينية (غير المسلمة) وسألتهم لماذا لا يشاركون في استثمار مضاربة قالوا: إنهَّم لا يعرفون ما هو العائد الذي يحصلون عليه... أعطيتهم البيانات التاريخيَّة لشهادات الاستثمار الإسلامية وكانت أعلى قليلاً من الشهادة التَّقْليدية. فوافقوا. قلت لهم هناك ميزة أخرى أنكم تستطيعون سحب أموالكم في أيِّ وقت دون غرامة. الإسلام يأمرني بهذا. إن سحبت أموالك بعد شهر أو ستة أشهر سأعطيك كامل المبلغ وأرباحه عن الفترة. أنت تحتاج إلى شرح القيمة الأخلاقية والماليَّة للمنتج الإسلامي... أنا جمعت مليارات الدولارات بهذه الطريقة. ولفت عبد الله إلى إشارات أعدّها دليلاً على نموِّ مستقبلي متوقع للصناعة منها تزايد الاعتراف بالتمويل الإسلامي في الدول الإسلامية خاصة بعد انتفاضات الربيع العربي وتزايد الاهتمام به في مراكز ماليَّة كبرى مثل لندن واليابان وتحوّل مركز ثقل الثَّرْوة من الغرب إلى الشرق. وقال: لدينا في جامعتنا الآن طلب كبير من الطُّلاب اليابانيين. ولدينا اتفاقية تعاون مع جامعة واسيدا اليابانيَّة لتقديم برامج مشتركة في التمويل الإسلامي. انظر إلى أداء مؤشر داو جونز للصناديق الإسلامية ستجده خلال العشرة أعوام الماضية أعلى من نظيره التَّقْليدي... هناك أسباب تجاريَّة وجيهة للاهتمام بالتمويل الإسلامي. ودعا عبد الله القائمين على صناعة التمويل الإسلامي إلى التركيز على تسويق المنفعة والقيم التي تشمل الشفافية والأداء المالي المميز وتقاسم المخاطر وقال: «هذه قيم يقدرها الجميع.