أكد مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور صلاح الشلهوب أن نظرة البنوك تجاه المصرفية الاسلامية من حيث إنها غير مربحة وغير متوافقة مع توجهاتها الاستثمارية بعد حدوث الأزمة المالية العالمية بدأ يضمحل إذ إن الكثير من البنوك العالمية اليوم لديها فروع وأقسام إسلامية ، موضحا أنه لو تعتقد البنوك المحلية أو العالمية بعدم جدوى الاستثمار فيها لما عملت على ذلك خصوصا وان هذه الفروع لم تتأثر كثيرا بأزمة الشركات الأم ومن المعلوم أن الحافز لهذه المؤسسات هو الربح إذ إنها ليست بالضرورة مؤسسات تؤمن بالمبادئ الاسلامية. وقال الدكتور الشلهوب في حديث مع « الرياض « إن مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي يعمل على أعداد خطة إستراتيجية للتعاون مع المؤسسات البحثية والمؤسسات العاملة في قطاع المالية الاسلامية ، مشيرا الى أن عدم التزام المؤسسات المالية القائمة بالمعايير الشرعية المطلوبة سواء على مستوى هيكلية المنتجات أو تطبيقاتها فإن هذا يتطلب العمل على تعديلها لا تركها إذ إنها أصبحت وخلال فترة وجيزة مطلبا عالميا ، موضحاً في مجمل حديثه « أن حجم المصرفية الإسلامية في المنطقة العربية يبلغ قرابة 1324.2 مليار ريال ما يعادل 42.9% من الإجمالي العالمي، بينما يبلغ حجم المالية الإسلامية في السوق السعودية أكثر من 375 مليار ريال» . وبين الشلهوب ان من أبرز التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية نقص الكوادر المؤهلة والمتميزة للعمل في هذا القطاع كما ان وقوع بعض التجاوزات من هذه المؤسسات في عدم التزامها بمبادئ الشريعة في معاملاتها، وذلك يتم أحيانا بالتغيير الشكلي في بعض المعاملات لإعطائها صبغة إسلامية، انعكس بالطبع على الصورة الذهنية العامة عن المالية الإسلامية. إلى المزيد من التفاصيل : " الرياض " البداية نود أن تحدثنا عن أبرز البحوث التي أعدها المركز البحثي للمصرفية الإسلامية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ؟ -" الشلهوب " إن مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن هو مركز حديث النشأة، يهدف الى تعزيز جانب التعليم والبحث، بحيث يعزز جودة مخرجات هذا القطاع على مستوى البحوث الجيدة والمؤثر والكوادر المتميزة سواء على مستوى البحث أو المعرفة بأساسيات العمل في قطاع المصرفية الاسلامية، اذ انه ومع تنامي حجم الأصول في قطاع المالية الاسلامية الا ان هذا لا يتوازى مع حجم البحوث والكوادر المؤهلة للعمل في هذا القطاع. ولذلك سيعتمد المركز على إعداد البحوث حسب المعايير المعتمدة على سياسة الجامعة العامة في البحوث التي تعتمد معايير جودة عالية. وان تكون البحوث مؤثرة بحيث تتناول قضايا تعالج المشاكل القائمة في هذا القطاع على مستوى انضباطها بالمعايير الشرعية او كفاءة تطبيقات عمليات المؤسسات المالية الاسلامية من الناحية المالية والمحاسبية. وسيكون العمل باذن على ان تكون هناك بحوث تقدم نقله نوعية لعمل المؤسسات المالية الاسلامية بحيث تنفك قدر الامكان عن الالتزام بهيكلة وآليات الادوات المالية التقليدية التي تعتمد الفائدة اساسا لهيكل تلك المعاملات. فالحاصل ان بحوث المركز سوف تركز سد النقص الحاصل في هذا المجال وتحفيز بحوث الابتكار، والعمل على تقديم نقلة نوعية لمستوى البحوث في مجال المالية الاسلامية. وذلك بالاعتماد على الخبرات الموجودة في الجامعة والخبرات على المستوى المحلي والعالمي سواء على مستوى الخبراء او مراكز البحوث بشكل عام. *" الرياض " هل هناك تعاون بين المركز والبنوك المحلية أو البنوك العربية والأجنبية ؟ -" الشلهوب " ان المركز يعمل على ان يكون هناك تعاون بينه وبين المؤسسات البحثية والمؤسسات العاملة في قطاع المالية الاسلامية سواء البنوك او الشركات التي لديها رغبة في الاستفادة من الادوات المالية الاسلامية، وهناك خطة استراتيجية للمركز للشكل الذي سيكون عليه هذا التعاون بحيث ان يكون ذلك ضمن اهداف المركز التعليمية والبحثية، ولدى المركز اليوم اتصالات لاعداد عدد من البرامج مع عدد من المؤسسات العالمية المهتمة بهذا القطاع. حيث انه تمت زيارة فريق متخصص من الجامعة شكل لهذا الغرض لعدد من المؤسسات والمراكز حول العالم من جامعات ومراكز بحثية وتعليمية بالمملكة وماليزيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة الاميركية والبحرين والامارات والاردن ومصر قبل انشاء المركز للاطلاع على احدث ما توصلت اليه هذه الصناعة والاستفادة منه، كما ان هذه الزيارات نتج عنها تواصل مبدئي بغرض التعاون مع عدد من المؤسسات المتميزة لدعم تحقيق اهداف وبرامج المركز. واما البنوك والمؤسسات المالية سواء المحلية او الدولية فسيتم العمل على التعاون معها بغرض التعاون في مجال التدريب والبحث لدعم تنمية هذا القطاع على مستوى التطبيق. *" الرياض " ما هي ابرز الخدمات التي يقدمها المركز للبنوك المحلية ؟ -" الشلهوب " لعل ابرز الخدمات التي يمكن ان يقدمها المركز للبنوك المحلية ما يتعلق بالتعليم والتدريب والبحث حيث ان هناك خطة للمركز لتقديم برامج تدريبية سواء كانت قصيرة او متوسطة او دبلوم عال. بالاضافة الى دعم البرامج الاكاديمية بمقرارات في التمويل الاسلامي وذلك كله بالتعاون مع الاقسام المتخصصة في كلية الادارة الصناعية والذي يعتمد المركز بشكل رئيس في برامجه واعدادها عليها اضافة الى قسم الدراسات الاسلامية والعربية بالجامعة. وهذه البرامج تستهدف الشرائح المختلفة العاملة في قطاع المالية الاسلامية والمستفيدة منه وطلبة الجامعات الذين يرغبون بالحصول على تأهيل كاف للعمل في قطاع التمويل الاسلامي. كما سيتم تقديم المشاريع البحثية التطبيقية المتكاملة بجوانبها الشرعية والمالية والمحاسبية لخدمة هذا القطاع وتقديم بحوث نوعية ذات جودة عالية ومؤثرة في هذا القطاع. *" الرياض " ما هي الآلية التي يمكن من خلالها تطبيق وتطوير صناعة المصرفية الإسلامية ؟ -" الشلهوب " إن حجم الأصول للمالية الاسلامية يعتبر جيداً عطفا على عمر هذا القطاع، إلا أن هذا القطاع يحتاج الى كوادر بشرية تقدم متميزة لتدير هذا القطاع لتساهم في الابتكار على مستوى الخدمات والأدوات والدراسات وتقود هذا القطاع للمنافسة عالميا، حيث انه بوجود الكوادر البشرية خصوصا في مجال الفقه الشرعي لمتخصصين لديهم معرفة وفهم لواقع علم الاقتصاد والمالية المعاصرة، ومتخصصين أيضا في الهندسة المالية ممن لديهم إلمام بفقه المعاملات لتقديم الابتكارات والبدائل التي يمكن أن تنافس الأدوات المالية التقليدية. ومن الممكن أن يكون هناك فرق عمل بحثية من مختلف التخصصات لتحقيق التكامل في هذه الدراسات. كما انه لا بد من اعداد كوادر للعمل في هذا القطاع من الكوادر المتميزة والقيادية، فالمالية الاسلامية في هذه المرحلة بحاجة الى قرارات جريئة ومدروسة في نفس الوقت. *" الرياض " ماهي الصيغة المناسبة لإيجاد توافق ما بين الاقتصاد والمصرفية الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية ؟ -" الشلهوب " الصيغة المناسبة في الوضع الحالي هو الاستفادة من النظام الاقتصادي والمالي المعاصر والتفاعل معه بشكل ايجابي مع ضبط هذه المعاملات بإحكام الشريعة. وكما هو أن هناك الكثير من المعاملات التي تمارس في المؤسسات المالية العالمية التي ليست بالضرورة محرمة. كما أن هناك الكثير من المعاملات التي لا تحتاج الكثير من التعديل لتكون متوافقة مع الشريعة. إضافة الى ما يمكن أن يبتكر من خلال الأدوات التي يطرحها الفقه الإسلامي مثل المشاركة والمضاربة والسلم والاستصناع وغيرها مما يمكن أن يشتق منها العديد من المنتجات. *" الرياض " هل حان الوقت لإيجاد مؤشرات إسلامية بديلة لمؤشرات الفائدة في البنوك ؟ -" الشلهوب " إن مسالة إيجاد مؤشرات للمؤسسات المالية الاسلامية أصبحت محل بحث واهتمام عدد من المتخصصين والمهتمين بمجال المالية الاسلامية. والحقيقة ان استخدام مؤشر معدل الفائدة يؤدي الى ان يكون هناك عامل ضغط على المؤسسات المالية الاسلامية اذ انه يمثل أشبه بنقطة الصفر في مجال عوائد هذه المؤسسات فإذا ما كان العائد للمنتج الذي تقدمه هذه المؤسسات اقل من معدل الفائدة فأنها لا تستثمر فيه اذ انه أشبه بالخسارة، ولذلك لا بد ان تكون العوائد أعلى من هذه النسبة. والحقيقة انه في ظل نظام إسلامي متكامل يفترض ان لا يكون هناك أي اعتبار لمعدل الفائدة اذ ان نقطة الربح والخسارة يفترض ان تكون هي الصفر فعليا. ولكن نظرا لوجود عوامل مثل التضخم والاستثمار منخفض المخاطر مرتبط بمعدل الفائدة كان هناك ضغط لاعتماد هذا المؤشر، ولكن هناك بعض الاقتراحات لاعتماد مؤشر الأسعار لبعض السلع مثلا ومن الممكن أيضا ان يؤخذ معدل التضخم بالاعتبار، ولكن تبقى هذه المؤشرات متذبذبة وغير منضبطة، ومن الصعب الاعتماد عليها. ويظهر انه ليس هناك تجارب عالمية لها فتحتاج نوعا ما الى إعادة دراسة خصوصا وانه خلال الفترة الماضية ارتفعت مستويات التضخم الى مستوى عال جدا في المنطقة. كما أن هناك بعض الأدوات مثل المشاركة والمضاربة لا يمكن ضبطها بمعدل معين. ولذلك قد يكون من الصعب حاليا إيجاد مؤشر بديل منضبط. *" الرياض " كثير من البنوك تنظر للمصرفية الإسلامية بأنها غير مربحة وغير متوافقة مع توجهاتها الاستثمارية كيف يمكن إيجاد بديل لذلك ؟ -" الشلهوب " يظهر أن هذا التصور وبعد الأزمة المالية العالمية بدأ يضمحل إذ إن الكثير من البنوك العالمية اليوم لديها فروع وأقسام إسلامية ولو أنها تعتقد بعدم جدوى الاستثمار فيها لما عملت على ذلك خصوصا وان هذه الفروع لم تتأثر كثيرا بأزمة الشركات الأم، ومن المعلوم أن الحافز لهذه المؤسسات هو الربح إذ إنها ليست بالضرورة مؤسسات تؤمن بالمبادئ الاسلامية. أما كون المؤسسات المالية القائمة لا تلتزم بالمعايير الشرعية المطلوبة سواء على مستوى هيكلية المنتجات أو تطبيقاتها فان هذا يتطلب العمل على تعديلها لا تركها اذ أنها أصبحت اليوم وخلال فترة وجيزة مطلب عالمي. والحقيقة انه لا بد ان يكون هناك عمل جاد لإيجاد مؤسسات مالية ملتزمة بالمعايير الشرعية وتعمل على تفعيل الأدوات المتوافقة مع الشريعة بكافة صورها، وهذه التجربة فيما لو نجحت سيكون لها تأثير كبير بإذن الله المؤسسات المالية الاسلامية. *" الرياض " ذكرت في عدد من المقالات أن عام 2010 يحمل الكثير من الفرص للمصرفية الإسلامية والكثير من التحديات ماهي تلك التحديات وما الفرص المتاحة؟ -" الشلهوب " إن العام الحالي يحمل فعلا تحديات للمالية الاسلامية، فالاهتمام العالمي بها اليوم يمثل ضغطا لضبط عملياتها وان تكون على مستوى عال من الشفافية التي يتطلبها العمل المصرفي والمالي. وقد برز ذلك باهتمام البنك الدولي بالمساعدة في وضع ضوابط للعمل المصرفي الإسلامي. وهذا أمر طبيعي حيث إن المؤسسات المالية الاسلامية هي جزء من المنظومة المالية العالمية ودخول المؤسسات العالمية الى هذا القطاع يتطلب ضبطه لكي لا يكون بوابة مفتوحة للتجاوزات. كما أن نقص الكوادر المؤهلة والمتميزة للعمل في هذا القطاع يمثل أيضا تحديا لهذا القطاع. كما ان وقوع بعض التجاوزات من هذه المؤسسات في عدم التزامها بمبادئ الشريعة في معاملاتها، وذلك يتم أحيانا بالتغيير الشكلي في بعض المعاملات لإعطائها صبغة إسلامية، انعكس بالطبع على الصورة الذهنية العامة عن المالية الاسلامية. وفي نفس الوقت فهناك فرصة كبيرة للمؤسسات المالية الاسلامية قد لا تتكرر كثيرا اذ إنها أصبحت محل اهتمام الدول الكبرى في العالم والمؤثرون في السياسة العالمية ليس على مستوى فتح مجال الاستثمار فيها لتلك الدول بل الأمر أصبح اكبر من ذلك اذ ان هناك مطالبة لان يستفيد العالم من الضوابط التي وضعتها الشريعة الاسلامية لحفظ الحقوق وضبط عمل المؤسسات المالية كما في تصريحات لعدد من المسؤولين في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وبابا الفاتيكان. كما ان تنامي الطلب على المؤسسات المالية الاسلامية أصبح عالميا حتى من قبل الكثير ممن لا يؤمنون بمبادئ الإسلام، وهذا يجعل لها ثقة على المستوى العالمي بجدوى الاستثمار فيها وهذا بحد ذاته مكسب كبير. *" الرياض " ما هي أبرز معوقات نمو المصرفية الإسلامية ؟ " الشلهوب " لعل من ابرز المعوقات ، قلة الكوادر المؤهلة للعمل في القطاع ، كما ان البحوث أيضا التي تقدم في هذا المجال لا زالت تحتاج الى المزيد من اعتماد معايير الجودة وان تأخذ بالاعتبار العمل البحثي المشترك اذ ان قطاع المالية الاسلامية وبسبب انه حديث النشأة فانه لازال لا يوجد لديه برنامج أكاديمي مكتمل، كما ان هناك قلة في أعداد الخبراء الذين لديهم المام كامل بجميع متطلبات هذا العلم، فغالب المتخصصين فيه تكون خلفيتهم العملية إما فقهية شرعية أو مالية أو محاسبية أو اقتصادية. فهذه تخصصات مختلفة ويوجد حاجة لصقلها في تخصص متكامل يقتبس أساسياته من هذه العلوم. كما ان من المعوقات عدم تفهم الكثير من البنوك لوضع المالية الاسلامية ومساواتها في التعامل بالمؤسسات التقليدية، وهذا يضيق حدود تعاملاتها ومنتجاتها. *" الرياض " ما هي العناصر التي تفتقد لها المصرفية الإسلامية في المملكة ؟ " الشلهوب "انه في الفترة القصيرة الماضية شهدت المصرفية الاسلامية اهتماما كبيرا في المملكة بإنشاء بنوك إسلامية جديدة وتحول بعض البنوك جزئيا او كليا لتقديم الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة. فالتمويل على مستوى الأفراد قائم في غالبه على التمويل المتوافق مع الشريعة بحسب قرارات الهيئات الشرعية بتلك البنوك ، ولكن يبقى أن هناك حاجة إلى وجود نظام يتناسب مع وضع المؤسسات المالية الاسلامية ويضبط عملها. كما أن هناك حاجة الى ضبط عملية قرارات الهيئات الشرعية، لكي يكون هناك نوع من تكافؤ للفرص. إذ انه مع إباحة البعض لعدد من المعاملات في ظل عدم تجويز التعامل بها عند آخرين قد يؤدي الى نوع من التمييز في الفرص لطرف على حساب البنوك الأخرى، وان كانت عملية الضبط والالزام للجميع بتعاملات محددة يجعل من ذلك تضييقا لمجال الاجتهاد. *" الرياض " هناك بعض البنوك تطبق المصرفية الإسلامية ولكن كم تبلغ حجم رأسمال المصرفية الإسلامية في المملكة ودول العربية ؟ " الشلهوب "إن حجم المالية الاسلامية في منطقة دول الخليج العربي كبير ويبلغ حجمها 353.2 مليار دولار أو 42.9% من الإجمالي العالمي، كما أن حجمها في المملكة يتجاوز المائة مليار دولار.