مليء بالأضداد..زاخر بالمترادفات.. يفيض بالتجارب.. ويغص ببعض المسلمات.. وفي بقاع منه شتى لابد لبعض الندرة من نصيب! لا يكاد المرء أن يمتلك منه حتى موضع قدميه.. ولا أن يدرك كل ما تراه عيناه.. بل ولا أن يسمع لما هو أقصى من سوى ذلك.. إلا بفارق لا يعدو أن يكون محدوداً لما يتناقله الكون من هنا وهناك. وعلى الرغم من محدودية محيط قد يلتف حوله جِيد مكانه.. وقصور حواسه عن أن تطال السماء الواسعة.. والأرض الممتدة؛ فهو إن أطلق لما يمتطيه عقله من فكر.. عالم أقصى وأقصى.. وأبعد مما قد يتصوره هو نفسه انه بعيد.. وهو إن اشرأبت للفضاء الواسع عنق روحه.. سيحلق آفاقاً يعجز المدى أن يحتويها بين ذراعيه.. وسينطلق عالياً إلى حيث تلمع النجوم ويطلّ البدر متوارياً خلف جمال تلك الروح.. وسيحيا أكثر من حياة.. وينعم بأوسع من أفق كان قد ظنه من قبل واسعاً.. فمن حولنا أحلام وآمال وعبر ومن فوقنا عوالم.. ودوننا السنون والدهر.. لكن.. في أحيان كثيرة.. تتقلص تلك العوالم, وكل تلك المشاهد والصور.. في إطار صغير ضيق.. يحيكه أحيانا قلة الحيلة أو انعدام الصبر! وقد يعيش المرء بداخله مخدرا تحت وطأة أحداث مختلفة..يحمّل زمانه خطأ التعمق في تفاصيلها إلى حد الثمالة..وإلى مدى تتقلص فيه كل المعاني , فلا تحمل من كامل الحقيقة أدنى واقعية! وهو ليس إلى غاية ينتهي.. ولا من حلقات مفرغة يتملص.. ولا إلى حقيقة قد يصل! ففي الإطار حروف مبعثرة تلتف التفاف الزمن على معصم اللحظات المتوقفة لا يبرح أن يكون حداً ضيقاً.. لا يمتلك مما وراءه من خبر يقين وعلم جلل.. ولا مناص ما دام في ذلك المحدود وبين الزوايا الحادة بالفكر محصورا.. يقبع تحت سقف الحدث سعيدا باجتماع النقاط.. واكتمال قطع الأحجية.. ظانّاً أن ليس في الكلمات أبعد مما حصل.. وأن ليس في الحقائق أكثر مما احتوته جوانب الإطار.. تحقنه متعة الضد بالضد بحقنة المجادلة.. مقامرا بجهده ووقته على طاولة خاسرة.. تشد ثوب فكره.. وتفقده متعة الخروج.. قسراً.. في سباق عقيم لا يناسب الزمان والمكان! نعم.. فإن التركيز مطلوب في أحيان كثيرة.. والانغماس في المشكلة ملزم لحلها.. لكن ليس أكثر مما يتحمله الزمن اللازم للوصول إلى الهدف.. وإلا فهو غاية الحرمان.. ومطلق الخسارة للمعاني الجميلة الأُخَر.. إلى ما لا يمكن تغير معالم قبحه إلى ما خلف الظلام! و لربما في أحيان أخرى.. قد يكون من الجميل دلالاً وإطراءً.. أن يحد سواك كل عالمه بحدود.. يضع نفسه داخلها.. ويقلص الحياة الواسعة في عالم صغير.. فلا يرى إلا ما تفعله أنت ويتشوق لما لم تفعله بعد..! ومن ثم من الأجمل.. أن تعتليك نشوة العظماء في أن تكون أنت... في كل شيء حوله.. أنت ذلك الإطار..! إن الحياة من حولنا.. شديدة الشبه بلوحة الشطرنج.. يلقن فيها الأسياد أسرار الاحتراف.. ويعقدون الآمال على أصغر الحراس.. معولين على خطورة الخطوة.. فرب خطوة تجرها خطوات.. ولربما قفزات تجنب القتال من معرة الوقوف على أعتاب السلطان.. فلا تفتح الأبواب تواضعا وحلما.. ولا تجرئ الأغراب على مجرد الاقتراب! فمن يجاري السفيه في يوم.. تندرا.. أو نزولاً إلى فهمه.. أراه في الفخ قد وقع.. وبين الزوايا اختنق.. مبتعدا عن تمام الصورة واكتمال المعنى.. وقد يضطره طول العهد والمجاراة.. حلماً على السفهاء.. وعلوا عن الكبرياء.. إلى لعب أدوار لم يعتد عليها.. وارتداء ثياب لم تحك لأمثاله..! إن تلك الحدود ضيقة لم يصنعها سوى الانخراط في طريق طويل اسمه الجدال.. على الكيس الفطن.. تجنبه بالقول والأفعال.. فغض الطرف يا هذا.. واهرب هروبك من الأسد من تلكم الخلال! وإن الحق كل الحق.. أن الصواب بالخروج عن الصورة التي وضع إطارها صانعوه.. والعدل كل العدل في النظر من بعيد.. والحل في خلع ثوب الوسيط إلى الحياد.. ولتعش كما تريد لأجل ألا تتوه لياقة الفكر عن معنى الحقيقة.. وألا تفتقد الرؤية اكتمال الصورة.. ففي الخروج السلامة.. ونظرة اليقين.. للكل من بعيد! - سوجو - الصين