تشير بعض المعلومات إلى أن بالمملكة نحو 40 مبنى مستشفى لم يتم تشغيلها بسبب عدم القدرة على توفير الكفاءات البشرية، وهو بالطبع رقم كبير ان صحة المعلومات التي عرفتها من خلال حديث جانبي مع أحد القريبين والمطلعين على القطاع الصحي الحكومي، ولا يمكن إلقاء اللوم على وزارة الصحة وحدها، فالقضية لها بعد وطني تتشارك به كثير من الجهات مثل وزارة التعليم العالي، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الخدمة المدنية، وبشكل عام كل قنوات الجهاز التنفيذي بالبلد هي مشتركه في مثل هذه الإخفاقات. ** وحينما أقول إن مثل هذا الوضع لا تتحمله وزارة الصحة وحدها فأعني إن تخريج الكوادر الصحية هي من مهام مؤسسات التعليم وتحديداً الجامعات والكليات والمعاهد، وهذه يفترض أنها تبني سياساتها فيما يخص القبول وتحديد التخصصات على احتياجات البلد الحقيقية ووفق أولويات محددة. ** في المملكة نحو 88 ألف طبيب وطبيبة، 85% منهم غير سعوديين، تصوروا لو حدث ما يستدعي مغادرة هولاء الأطباء إلى بلدانهم، كيف يمكن تصور كارثة الوضع الصحي في المملكة؟ أما الاحتياج المستقبلي فقد يصيب البعض بالذهول حيث ذكرت دراسة لغرفة الرياض أن الاحتياج من الأطباء لتلبية الطلب خلال الخطة التاسعة (التي تنتهي بعام 1436ه) يقدر ب 66.135 طبيباً لخدمة 87800 سريراً، و131.051 ممرضاً وممرضة، فهل لدينا خطط لتوفير هذا الاحتياج؟ وهل بنت الجامعات معايير قبولها لاستيعاب أعداد تفي بالاحتياجات المستقبلية في هذه التخصصات؟. ** واذا ما عرفنا حجم الاحتياج، فعلينا أن نعرف أن عدد خريجي كليات الطب لم يتجاوز 500 طبيب سنوياً يدرسون في 17 كلية طب بمختلف الجامعات، بحسب ما ذكره الدكتور محمد بخاري عضو في هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز في تصريح صحفي قبل عامين، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالاحتياج، ويجب أن ينظر في الفجوة المفزعة مابين الاحتياج والمتوفر من الكوادر السعودية على أعلى المستويات، ولايجب أن نعول كثيراً إلى الاستقدام، فاليوم هناك شح على مستوى العالم في الكوادر الطبية وهناك تسابق على استقطاب الكفاءات، حتى أن كثيراً من الممرضات الآسيويات لدينا بدأن يغادرن إلى بلدان أخرى قدمت لهن حوافز مغرية، بل إن إحدى الشركات قدم مندوبوها إلى المملكة وبدأوا يعقدون لقاءات ومقابلات في أحد فنادق الرياض لاستقطاب ممرضات وتقديم العروض لهن للعمل في بلدان أخرى، ولا نلومهن فالسوق لمن يدفع أكثر. ** مشكلتنا لا تحل إلا من خلال قرار وطني يلزم كافة الجهات ذات العلاقات بالقطاع الصحي بالعمل على وضع برامج محددة زمنياً لمعالجة الفجوة أو على الأقل تقليصها، وأن يوقف هذا العبث الذي تمارسه الجامعات بقبول آلاف الطلاب في تخصصات إنسانية نظرية تشبع منها السوق منذ عقود، ويجب أن تبنى سياسة التعليم العالي على احتياج سوق العمل وتحديد التخصصات التي بالفعل ندرتها قد يشكل أزمة للبلد. alonezihameed@ @alonezihameed تويتر