كثر الحديث مؤخراً عن نزول مرتقب في قطاع العقار على مستوى المملكة، خاصة بعد صدور القرارات الملكية التي تخص وزارة الإسكان ومنحها قدراً أكبر من الصلاحيات بما يؤهلها لتحقيق أمر خادم الحرمين الشريفين لتحقيق طموح الكثير من المواطنين بتملّك سكن خاص، ولا يختلف اثنان في أن هذه القرارات السامية ستصب في مصلحة الكثير من المواطنين (تأمين حوالي 500 ألف وحدة سكنية)، ولكن التساؤل الأكثر إلحاحاً هو: هل ستتسبب هذه القرارات بإنخفاض في أسعار العقار من خلال سحبها ل500 الف أسرة سعودية من شريحة الطلب؟ وبشكل عام فإن السوق مفتوح لكافة الاحتمالات إلا أن ذلك لن يحدث بنفس القدر الذي يتوقعه البعض، لسببين رئيسيين: السبب الأول: صحيح أن المملكة، ومن خلال دعم الحكومة على مدى عشرات السنين الماضية، قد تكوّن فيها شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى والطبقة المخملية، ولكن يجب أن لا ننسى جميعاً أن هناك نسبة لا بأس بها من المواطنين لا يزالون عند مستويات دخل متدنية، على حسب إحصائيات وزارة الشئون الاجتماعية حيث إن هناك 1.400.000 مواطن - مواطنة ما بين مطلقات, أرامل, أيتام, ومُسنين وغيرهم، يستلمون إعانات من الوزارة (إنظر الجدول المرفق- إحصائية عام 1433ه). وفي حال افترضنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة السعودية خمسة أشخاص، فإن هذا يعني 280.000 أسرة سعودية هم من يستملون إعانات من الوزارة، ولا يختلف اثنان في كون هؤلاء هم الأحق بهذه المساكن.. من جهة أخرى فإن توجيهات خادم الحرمين الشريفين وتصريحات وزير الإسكان تشير إلى أن هذه الفئة هي الأولى بتلك بالخدمة، والأحوج لتحسين حالها، من خلال مشروعات وزارة الإسكان، مع الأخذ بالاعتبار أن النسبة العظمي من المساكن التي تسكنها هذه الفئة إما إيجار أو منال متهالكة أو عشوائيات، وبالتالي إذا أعطيت هذه الشريحة كامل حقها من مشروعات وزارة الإسكان، سيتبقى حوالي 220.000 وحدة سكنية لغيرهم من المواطنين، وعلى حسب المنهج المتبع، ففي الغالب أنها ستوزع أيضاً على المواطنين من أصحاب الدخل المنخفض، أي مابين 3000-6000 ريال شهرياً، وهي شريحة لا بأس بها. الشريحتان المذكورتان أعلاه، لا يملكون حالياً ما يمكّنهم من دخول سوق العقار، وهم ليسوا مؤثرين في قوى الطلب الحالي في السوق، بالتالي لن يكون لهم أثر على أسعار سوق العقار بشكل عام، فلذلك فإن قرار خادم الحرمين يصب في مكانه الصحيح من خلال تحقيق أمنية الكثير من المواطنين للحصول على سكن خاص، مما سيسهم بشكل كبير في تحسين مستوى معيشتهم، وفي الوقت نفسه لن يؤثر على مستوى الطلب الموجود حالياً في السوق العقاري في المملكة. السبب الثاني: يكمن أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار العقار في كون العقار هو الوعاء الاستثماري الآمن للعديد من المواطنين من تجار و أفراد لاستثمار مدخراتهم، وهذه الفئة تعتبر مكوّناً هاماً في الطلب الحالي على العقارات، والقرارات الملكية الأخيرة لا تتضمن أي شيء في طياتها ما يغير من ذلك الواقع. بلغ إجمالي عوائد صادرات القطاع الخاص بالإضافة الى الإنفاق الحكومي في المملكة، منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2005م ما يعادل 5.65 ترليونات ريال (إحصائيات مؤسسة النقد)، حوالي 3.7 ترليونات منها غادرت وطننا من خلال أجور العمالة الوافدة ووارداتنا من المنتجات المصنعة في الخارج، مما يبقي حوالي 1.96 ترليون ريال سيولة، نسبة كبيرة منها أضيفت لجيوب المواطنين من رجال أعمال وأفراد، هذه الأموال وغيرها، التي تكونت عبر العقود الماضية وستستمر تتكون بإذن الله خلال الفترة المقبلة، سوف تحتاج وعاء لتستثمر به، ومازال الملاذ الرئيسي الذي تُستثمر فيه هو العقار.. وبالتالي، ومن خلال المعطيات الحالية، لا يُتوقع أن العقار سينخفض وإن انخفضاً مؤقتاً سيكون بسبب بيع بعض المتخوفين، وهو خوف غير واقعي. الرئيس التنفيذي - بلوم للاستثمار السعودية