دعت الدكتورة هناء بنت عبدالعزيز المطوع عضوة هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن المسلمَ والمسلمةَ إلى الابتعاد عن اللغو، وكثرة الكلام الذي قد يوقع في الإثم، حيث لا يأمن من فلتات لسانه عثرات جوارحه، وقالت: إن نصوص الكتاب والسنة تزخر بمضامين تزكية النفوس وتهذيب الأخلاق، بل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الإمام لكل مقتد، وهو المربي لكل مريد، أليس هو من أثنى عليه الله عز وجل بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ومن عظمة أخلاقه أحبه القاصي والداني، حتى من لم يكن على ملة الإسلام، فالصدق والأمانة والكرم والرفق والتبسم والعدل والعفو والنصح والإيثار تأسر القلوب فيئاً لا غنيمة. وأبانت في حديث لها ل- «الجزيرة» أن من شقائق هذه الأخلاق خلق عزيز، جعله الله من صفات المؤمنين، بل جعله من أسباب الفلاح، وقرنه بالخشوع في الصلاة، وقدم ذكره على أداء الزكاة، حيث قال - عز وجل - مثنياً على عباده المؤمنين:{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}، وقال تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}، فالمؤمن يرغب عن الكلام الذي لا خير فيه ولا فائدة، وينزه نفسه عنه ويترفع عنه، نطقاً به وسماعاً له، وكذا كل فعل ساقط لا يعتدّ به، يربأ بروحه أن تخوض مع الخائضين، كما عمد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أسر إلى زوجه أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وأمرها أن تكتمه، فحدثت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فأخبره الله بذلك {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ}، فذكر لها بعض ما قالت وأعرض عن بعضه كرماً منه وحلماً عليه الصلاة والسلام. وأكدت الدكتورة هناء المطوع أن اللغو سبب للوقوع في الإثم، فلا يأمن المكثر منه من فلتات لسانه وعثرات جوارحه، واللغو ملهاة للقلب عمَّا هو أنفع وأجلّ لصاحبه، واللغو يغري السفيه باللهو واللعب، وهو قاتل الأوقات وعدو العقول، وحائل بين المرء وأهدافه، وبين الصاحب وإخوانه، فالناس تحب الجادّ المثمر، وتمقت الهازل المثرثر، وفي الحديث: (وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيام الثرثارون) الحديث رواه الترمذي وحسنه. وختمت د. المطوع حديثها قائلة: بقدر إعراض المرء عن اللغو تصفو نفسه ويزيد عقله ويلتفت إلى مصالحه فيحققها وإلى ما يضره فيدرؤه، فيحفظ جوارحه عما يدنسها ويصون خاطره عما يكدره ويشغله فيضعفه، وبذلك تتوافر أسباب لمّ شمله ويتفرغ لما فيه خير معاشه ومعاده.. فيرضي ربه ويأتسي برسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويكسب إخوانه، ويكنز رضا الناس عنه، ومودتهم لقربه، وراحة ضميره عن تتبّع ما لا يعنيه، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).