لا عجب أن كثيراً من القرارات التي تتوالى على وطننا العزيز عامة ضمن المشهد الإسلامي والثقافي تنبع من قدرة المملكة على مضاهاة الفكر العربي والإسلامي والدولي وهناك أسباب جوهرية أخرى أسهمت في حصول المملكة على مكانتها الكبرى في شتى المجالات. ولعل اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية يأتي تأكيداً جديداً على أدوار المملكة ومناطقها لاسيما وأنها حظيت باهتمام فائق من ولاة الأمر، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله، ثم عهود أبنائه الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد يرحمهم الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يحفظهم الله. إن هذه المكانة التي نحظى بها في وطننا تجعلنا جميعاً ندرك جسامة التحديات التنموية التي تمر بنا وترشدنا إلى ما هو مطلوب منا ويعمل على تعزيز آمالنا في مستقبل أفضل للمملكة العربية السعودية. إن هذه القيمة الدينية والعلمية والحضارية للمدينة المنورة جسدها معالي وزير الثقافة والإعلام في خطابه المؤثر أمام سيدي ولي العهد الأمين حينما تفضل سموه الكريم بتدشين انطلاق فعاليات المدينةالمنورة عاصمة الثقافة الإسلامية حيث قال معاليه : فمنذ اتخذ النبي الكريم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من يثرب داراً لهجرته وصحبه الكرام - رضوان الله عليهم - أصبح اسم هذه البلدة المباركة «المدينةالمنورة « فالإسلام دين مدن وعواصم حضارية، ومنذ الفتوحات الأولى أنشأ الفاتحون الأوائل المدن حتى ليصح القول: إن الحضارة الإسلامية هي حضارة مدن، إن المدن الإسلامية مدن علم وثقافة، وأن كل مدينة تكون مع سابقتها ولاحقتها حلقات متصلة تؤول كلها إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة . وفي مقالي هذا أعبر عن إعجاب الإعلام الدولي عامة والإعلام الياباني خاصة بمفهوم المدينةالمنورة عاصمة الثقافة الإسلامية واحتفاء المملكة برعاية سمو ولي العهد الشخصية ومتابعته المستمرة لمثل هذه الاحتفاءات بالرغم من مسؤولياته الكبرى وأعماله المتعددة والكثيرة، فالمدينةالمنورة بتاريخها المجيد وعلومها الغزيرة وعلمائها العظام أضفت على كل العواصم الإسلامية إضاءاتها وشواهدها عبر كل العصور. وحقيقة الأمر أثلج صدري وغيري الكثيرين هذا الاحتفاء المتحضر والرائع بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبودي أن يخصص معرضان تاريخيان دائمان عن كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ليزور عواصم العالم ويبرزا تاريخ حضارتنا الإسلامية وما قدمه الإسلام الخالد للبشرية جمعاء. وإن كان من تقديم هذا الاقتراح فيرفع من شأني أن أتقدم به لسيدي ولي العهد الأمين الذي يشرف شخصياً على الموسوعتين التاريخية الضخمة عن مكةالمكرمة وطيبة الطيبة في إطار اهتمامه الكبير بتاريخ الوطن وأسجل هنا بأحرف من ذهب ما يقدمه سمو الأمير سلمان من إبراز تاريخ هذا الوطن عبر الأجيال. بقي أن أذكر أن فرحتنا كبيرة كسفراء لخادم الحرمين الشريفين بالخارج بمثل هذه الاحتفاءات التي تؤطر للحضارة الإسلامية عامة والحضارة السعودية خاصة وما حديث الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة أن اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية إلا تأكيداً لمكانتها الإسلامية، فهي المدينة التي انطلقت منها رسالة الإسلام وإلى أحضانها يأرز الإيمان والمدينة التي انبلج منها نور الهداية والحق فأنار ضياؤه العالم قاطبة، وسكن حبها في قلب كل مسلم ومسلمة. الملفت في الأمر إشارة الأمير فيصل إلى أن اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية يأتي في وقت أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن مشروعه التاريخي لتعزيز مبدأ الحوار العالمي والدعوة للوسطية والتعايش السلمي، مؤكداً - حفظه الله - بذلك على منهج المملكة العربية السعودية ومبادئها التي تحرص كل الحرص على خدمة قضايا الإنسانية جمعاء، والإسهام في تعزيز التواصل وإقامة الجسور المشتركة بين المسلمين وسكان العالم. إننا نرى النهضتين الكبيرتين في كل من مكةوالمدينة يقود كل منطقة أمير مثقف فليس مستغرب عليهما إعادة توهج هاتين المدينتين المقدستين فكرياً وتاريخياً بالمؤتمرات والندوات المحلية والدولية التي تنير تاريخها للعالم الأول. والله الموفق،،، - سفير المملكة لدى اليابان [email protected]