أكد خبير اقتصادي أن مستثمري سوق الأسهم السعودية لا يستطيعون قراءة البيانات الإيجابية للأسواق العالمية بسهولة، ولا يتجاوبون بديناميكية مع التفاؤل العالمي والأداء الإيجابي، فتمر الفرص دون أن تتحرك السوق قيد أنملة، وهذا من أسباب بقائها في مستوياتها الدنيا دون أن تستفيد من المتغيرات العالمية والمحلية الإيجابية. وقال فضل البوعينين ل»الجزيرة»: إن المستثمرين اعتادوا على أن السوق المحلية تتأثر بشكل سريع وكبير بالأداء السلبي للأسواق العالمية، إلا أنها لا تتأثر إيجاباً بارتفاعاتها إلا بشكل محدود، وهو من عيوب السوق السعودي. لكن البوعينين استدرك قائلاً: يمكن القول إنه في بعض الأحيان تكون ردة فعل السوق المحلية بطيئة، وما تلبث أن تتجاوب بعنف، وهذا ما أعتقده في الأيام القادمة إذا ما استمر التفاؤل العالمي. وأشار إلى أن السوق السعودية لا يتبع بشكل واضح أياً من الأسواق العالمية، وهو سوق شبه منغلق على نفسه، ويفترض أن يكون تأثير انعكاسات الأسواق العالمية عليه محدوداً، في جانبي السلب والإيجاب، ولكن ارتباط المستثمرين نفسياً بما يحدث في العالم جعل ردود أفعالهم تتجاوب بشكل سريع وحاد مع المتغيرات السلبية، الأمر الذي لا نجده في الجوانب الإيجابية، وأعتقد أن المؤثرات الداخلية يفترض أن تكون أقوى تأثيراً على حركة السوق من المؤثرات الخارجية، إلا أن الحقيقة تقول عكس ذلك، وهذا أمر يحتاج إلى معالجة على أساس أنه أضر بالسوق والمتداولين، وجعل السوق المحلية تابعة للأسواق المالية العالمية في حالة السلبية، ومنفصلة عنها في حال الإيجابية. وقال البوعينين: «أعتقد أن السوق السعودية بدأت في بناء المسار الصاعد مدعوماً بنمو في ربحية الشركات، وارتفاع ثقة المستثمرين في السوق، وتحسن أداء الأسواق العالمية المبنية على تحسن الاقتصاد العالمي، إلى جانب الزيادة في حجم السيولة المتاحة للمستثمرين الذين باتوا أكثر رغبة في ضخ مزيدٍ من السيولة في سوق الأسهم، كما يُعتقد أن كثيراً من تجار العقار باتوا يسيلون عقاراتهم التي وصلت نطاقات سعرية مرتفعة ويعيدون استثمارها في سوق الأسهم، خصوصاً في أسهم العوائد التي تحقق بعضها للعقاريين عوائد قريبة من 7 بالمئة، والتي تُعتبر عوائد مجزية لهم، كما أنه إذا أضفنا إلى ذلك العوائد الرأسمالية المتوقعة فيصبح الاستثمار في سوق الأسهم جيداً بالنسبة لهم.» وعلى الصعيد ذاته، أوضح المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعوديين عبد الله البراك، أن السوق السعودي يتأثر بتحركات الأسواق العالمية، لكن مستوى هذا التأثر قد يكون طفيفاً أو مؤقتاً، وعلى سبيل المثال مؤشر (s p 500) الذي هو عبارة عن مؤشر يضم بداخله 500 شركة ومؤسسة، أكثرها أمريكية، إذ إن العوامل التي ساهمت في صعوده غير متوافرة في السعودي، فمكرر ربحيته الحالي يقع عند مستوى 16، وهو ما يعادل تقريباً مكرر السوق السعودي، بينما مكرر (s p 500) في عام 2014 وبأسعاره الحالية يصل إلى 12 مكرراً، وهذا يعني أن تفاعل السوق السعودي بمؤشر (s p 500) سيوصله لفقاعة في الأسعار ومبالغة في المكررات، وقد يتفاعل معه صعوداً، ولكن لا ننتظر أن يكون ذلك بشكل دائم. وأبان البراك، أن السوق السعودي كسوق ناشئ من الطبيعي أن يرتبط بالاقتصاد العالمي، خصوصاً أن من أهم القطاعات التي يعتمد عليها وهو البتروكيماويات يُعتبر مرتبطاً خارجياً وليس داخلياً، ومن هنا يأتي التأثير على السوق السعودي، كما أن الاقتصاد السعودي يُعتبر جزءاً من الاقتصاد العالمي، فأي نمو بالاقتصاد العالمي ينعكس على الاقتصاد السعودي، فالارتباط هنا طبيعي، ومن الطبيعي أن يتأثر بتحركات الأسواق بالعوامل الإيجابية أو السلبية، لكن من الخطأ ربط السوق المحلي ربطاً كاملاً في هذه الأسواق وهذه المؤثرات، لافتاً إلى أن السوق السعودي يرتبط بثلاثة أسواق عالمية تشمل مؤشر (s p 500)، وأسواق وأسعار منتجات البتروكيماويات، والأسواق النفطية عموماً والتي تُعد الأكثر تحريكاً للسوق السعودي. وألمح البراك، إلى أن السوق السعودي يقع منذ ثلاث سنوات في مسار محايد، وجميع الموجات التي تحدث بداخله تُعتبر موجات فرعية داخل الموجة المحايدة العامة، الأمر الذي يُعد أمراً معتدلاً وجيداً، لكون مكرر السوق السعودي يقع عند مستوى 15 ونصف، حيث إنه لن يتجاوز هذه الموجة إلاّ بنمو أرباح الشركات التي ستكّون موجة صاعدة جيدة. أما المحلل المالي صالح الثقفي، فيقول: «بالنسبة لتحسن الأسواق المالية في أغلب المناطق ووصول بعض مؤشرات الأسواق إلى مستويات تاريخية، وعودة أسواق كانت متراجعة لمدة طويلة، فإن ذلك سيزيد من الاحتمالات في تحسن السوق السعودي، كما سيكون ذلك مصاحباً لمستويات سيولة وتوسع اقتصادي غير مسبوق في تاريخ المملكة، ووجود أغلب الأسهم القيادية في مستويات بعيدة عن القمم السعرية السابقة والتي سجلتها في مستويات اقتصاديه أضعف مما نشهده في تحسن المراكز المالية لأهم قطاعات وشركات السوق». وأضاف الثقفي: «في العادة لا ترتبط الأسواق بتحسن بعضها بالكامل، ولكن في هذه الحالة فإن تحسن الأسواق هو لعوامل مشتركة مثل تزايد السيولة الدائرة في جميع اقتصاديات العالم تقريباً، ومنها المملكة التي تتبع سياسة نقدية مشجعة للاستثمار، وتحسن الرؤية المستقبلية للاقتصاد الأمريكي الذي قد يشعل انتعاشاً اقتصادياً عالمياً، وهو ما يناسب اقتصاد المملكة، وأعتقد أننا نمر بفترة ركود بسبب الأزمات الخاصة التي عانى منها السوق السعودي، وعدم تصحيحها بالكامل، بالإضافة إلى الظروف السياسية في المنطقة، مما سيدفع المملكة إلى المشاركة في تحمل الكثير من الأعباء الاقتصادية والسياسية، ولكن لا أشك في أن تحسُّن وضع الشركات وأرباحها هما ما سيشعل أي موجة صعود حقيقية المعنى، حيث سيتطلب ذلك بعض الوقت وقد يستبق السوق بتحفظ هذا الوضع المتغير إيجابياً».