السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بتاريخ 7-3-1434ه نشرت الجزيرة خبراً عن أن أمانة منطقة الرياض ممثلة في الإدارة العامة للنظافة، وبمشاركة طلاب المدارس، دشنت حملة المليون (بر بلا نفايات)، وكانت صحيفة أخرى قد نشرت موضوعاً عن وزارة الصحة تحت عنوان (حملة مليونية تحصد رقماً جديداً لمساعدات المرضى المحتاجين)، جاء فيه «تسعى مؤسسة الرعاية الصحية للتبرع لصالح المرضى المحتاجين الذين يلازمون الأسرّة البيضاء لسنوات طويلة، وذلك بجمع مليون رسالة نصية، تتضمن التبرع للمرضى، وقد حققت المؤسسة رقماً جديداً في برنامج حملة (مليونية الخير)؛ إذ تقلت 200 ألف رسالة من متبرعين». حقيقة، إن كلا الاتجاهين أو المشروعين ذو أهداف نبيلة؛ ففي الأول تتحقق النظافة حتى في البراري ذات الأماكن المعتبرة لاستجمام الأسر والأفراد، للمواطنين والمقيمين؛ ما يساعد على الارتياح والاطمئنان أثناء قضاء وقت الترفيه عن الأنفس خارج مناطق السكن والبُعد عن الصخب والأصوات المزعجة، ولشم هواء عذب نظيف خالٍ من الغبار والأتربة، والبُعد عن الروائح الكريهة النتنة.. والنظافة من الإيمان، سواء في البدن أو الملبس أو المكان. وفي الثاني تحقق الهدف المتمثل في التخفيف عن المرضى ذوي الإقامة الطويلة على الأسرّة البيضاء، بمساعدتهم على توفير الضروريات لأسرهم؛ لعجزهم عن ذلك بسبب ملازمتهم تلك الأسرّة. ولا شك أن تلك الاتجاهات أمور تسر كل إنسان حتى المقيم على هذه الأرض؛ فالمؤمنون في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد، ولكن البعبع والأمر المخيف هو إطلاق تلك الكلمة (مليونية) المشؤومة على مثل هذه المشاريع الطيبة، أخذاً من مضمون تلك الكلمة التي ترددت على ألسن الكثير من أبناء مصر، بل رددتها مختلف القنوات الفضائية المسموعة والمرئية حينما قامت الثورة المصرية، وحدثت المنازعات وحصلت التحزبات بين أبناء مصر العزيزة، فكم من أنفس أزهقتها المليونية، وكم من مراكز للبنية التحتية دمرتها، وكم من نيران أشعلتها، وكم من صلات مزقتها، وكم من أموال أهدرتها، وكم هوت باقتصادها إلى الحضيض؛ فحولت البلاد إلى خراب والأنفس إلى اضطراب.. وها هي منذ أكثر من عامين مرَّا على الثورة المصرية ولا يزال أبناؤها في هيجان، وما زالوا يرثون قتلاهم، ويلعقون دماء إصاباتهم، جازماً بأن تلك الأموال التي أُهدرت في سبيل تلك المليونيات المشؤومة لو دُفعت إلى غزة لحررتها من الصهاينة المغتصبين، ولمحت هذا العدو الجاثم على أرض غزة والضفة الغربية، ولاقتحم شبابها برليف نتنياهو، واقتلعوا أسواره من جذوره من أرض فلسطين الجريحة؛ لذا أدعو إلى التخلي عن استخدام تلك الكلمة؛ فلا طعم لها بعد أحداث مصر الدامية، ولا قيمة لها بعد أن أصبحت مصر تعيش أيام الفوضى والاضطراب، نسأل الله لها الهدوء وزوال المنغصات. صالح العبد الرحمن التويجري