شَهِد هذا الأسبوع ارتداداً إيجابياً لأسعار البترول كإشارة قوية لزوال العوامل الجيوسياسية التي أثّرت عليه في بداية التعاملات النفطية في الأسواق العالمية في بداية الأسبوع الجاري، حيث ارتفع سعر نفط برنت - بحر الشمال - ليصل إلى 104.4 دولار للبرميل (إقفال يوم الثلاثاء). هذا الارتداد الإيجابي يؤكد التوقعات والتقارير النفطية السابقة التي أشارت إلى استمرار استقرار أسعار البترول في الأسواق العالمية على المدى القريب لكي تكون قريبة من المعدل السعري المفضل من قبل الدول الرئيسة المنتجة للبترول داخل وخارج منظمة أوبك (100 دولار للبرميل) مع توقعات معدل سعري سنوي لنفط برنت خلال عام 2013م بأن يكون 105 دولارات للبرميل. هذه التقارير تعتمد على عدة مؤشرات إيجابية ومنها استمرار انتعاش الاقتصاد العالمي (استثناء القطاع الأوروبي) وارتفاع إنتاج البترول من قبل الدول المنتجة خارج منظمة أوبك (أمريكا وكندا) بنسبة طفيفة لا تؤدي إلى وجود فائظ نفطي في السوق، مع وجود استقرار للإنتاج النفطي من قبل الدول التابعة لمنظمة أوبك. هذه التوقعات الإيجابية التي سيطرت على السوق النفطية خلال الأشهر الستة الماضية ساعدت على استقرار أسعار البترول خلال هذه الفترة مع وجود تذبذب +/- مقبول بين الحين والآخر كردة فعل لبعض العوامل الخارجة عن سيطرة السوق كالعوامل الجيوسياسية. وبالرغم من انخفاض الاستهلاك النفطي لدول منظمة التعاون والتنمية التي تُمثّل 30 دولة معظمها في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان كما ذُكر في تقارير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية التي أشارت إلى انخفاض استهلاك دول المنظمة بمعدل 1% مقارنة بالعام الماضي مع استمرار معدل الانخفاض في السنوات القادمة، إلا أن ذلك لا يُمثل تحدياً للسوق النفطية العالمية لوجود ارتفاع يتعدى ال 3% سنوياً في استهلاك الدول النامية خارج هذه المنظمة كالصين والهند ودول الخليج العربي مما يعطي السوق النفطية بعض التوازن والقدرة على امتصاص أي فائض طفيف في الإنتاج. ويبقى التحدي الكبير لدى بعض الدول النامية خصوصاً دول الخليج العربي المصدرة للبترول الحد من ارتفاعات الاستهلاك المحلي للنفط. هذه الزيادة المطردة تُعتبر سلبية لأنها تؤثر سلباً على كميات النفط المصدرة للخارج ولا تؤدي إلى ارتفاع مباشر في معدلات النمو الاقتصادي لهذه الدول، وذلك إما لوجود دعم الحكومي لهذا القطاع أو استمرار معدلات انخفاض كفاءة الطاقة وعدم الترشيد.. الشيء الإيجابي الذي يجب أن يذكر هنا يتمثّل في الزخم والجهود الكبيرة التي تقوم بها بعض الجهات الحكومية والخاصة في تلك الدول للحد من الهدر الكبير في الطاقة من خلال الترشيد واستخدامات الطاقة البديلة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية.. ولكن هذه الجهود المشكورة مع الأسف الشديد لن تعطي ثمارها على المدى القصير، وذلك لتباطؤ خطوات التنفيذ لهذه المشاريع الإستراتيجية وعدم وجود خطة وطنية توحدها تحت مظلة واحدة وأهداف مشتركة ومُساءلة دقيقة.. هذه الخطة التي ينتظرها الكثير من المتابعين والمهتمين بقطاع الطاقة السعودي. قبل ختام هذا المقال، أود أن أنتهز هذه الفرصة المباركة لرفع أيات التبريكات والتهاني القلبية الخالصة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس البترول الأعلى - حفظه الله - بمناسبة ذكرى البيعة الثامنة متمنياً لجلالته دوام الصحة والعافية، وسائلاً الله العلي القدير بأن يأخذ بيده لرفع كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والارتقاء بهذا الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة حضارياً وثقافياً وعلمياً واقتصادياً، إنه - سبحانه - على ذلك لقدير. www.saudienergy.net Twitter: @neaimsa