في الزمن الجاهلي كان عمنا الشاعر الصعلوك أبو النشناش النهشلي يقول لمن سألته عن أسباب ارتحاله: وسائلة أين الرحيل وسائل من يسأل الصعلوك أين مذاهبه مذاهبه أن القفار عريضة إذا ظن عنه بالنوال أقاربه فللموت خير للفتى من حياته فقيراً ومن مولى تدب عقاربه ودوّيه قفراء يُحاربها الردى سرت بأبي النشناش ليلاً ركائبه وكذلك قال الشاعر الصعلوك أبو الشمقمق- ألا تلاحظون أن أسماءهم مثلهم - أقول قال أبو الشمقمق عن ضياعه: ومنزلي الفضاء وسقف بيتي سماء الله أو قطع السحاب فإذا جئت مُسلِّماً يوماً عليّ دخلت إلي من دون بابِ لأني لم أجد مصراع بابٍ يكون من السماء إلى الترابِ وكذلك قال الشاعر الفرنسي رامبو: (أنا حيث تستقر بي الريح). وفي زمن الصعلكة العربية المتأخرة كان الشاعر العربي سميح القاسم أو عبدالله الخطيب لا أذكر يقول: (كل أرض تحت هذي الشمس أرضي) وبعد ذلك قال صديقنا الشاعر المبدع سليمان المانع إبان غربته وارتحاله: لا تعشقين مشرد تفقدينه أنا الغريب وموطني موقع اخطاي أما الشاعر السريالي الكبير أندريه برتيون فيقول: إذا ما أردت مقابلتي ستجدني بين يدي اليمنى ويدي اليسرى ومن ثم اقرع باب صدري ستجدني هنالك لا محالة *** أما أنا فقد كنت أقول لمن سألتني عن عنواني ذات يوم: إذا أردتِ رؤيتي أيتها الشقراء وجدتني بدونما عناء (دشداشتي) الرياح ونعلي الإسفلت و(غترتي) السماء.