الكلّ معنيّ بالبنية التحتية المحيطة بنا من طرقات، وأبنية، والخطوط الكهربائية التي نعتمد عليها يومياً. فتشغيل هذه البنية التحتية بشكل جيّد هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنافسية. ومع ذلك، يكاد كل اقتصاد تقريباً يواجه مجموعة من التحديات المرتبطة بالبنية التحتية. ويشير بحث صدر مؤخراً عن شركة «ماكنزي أند كومباني» إلى أن العالم بحاجة إلى إنفاق 57 تريليون دولار على البنية التحتية حتى نهاية العام 2030، وذلك لمجرّد مواكبة وتيرة النمو المرتقب لإجمالي الناتج المحلي العالمي. ويتخطّى هذا الرقم مجمل قيمة البنية التحتية القائمة على الأرض اليوم، ويتجاوز بنسبة 60 في المئة تقريباً ما استثمره العالم خلال السنوات الثماني عشرة الماضية. ويبدو هذا الرقم خيالياً، لا سيّما في مرحلة تعاني فيها حكومات عدّة من ديون ثقيلة ورأس مال شحيح. إلا أنّ تخفيض هذه الكلفة ممكن من خلال تحسين الطريقة التي نعتمدها للتخطيط، والبناء، وتشغيل البنية التحتية، أي بمعنى آخر، نحتاج إلى تعزيز إنتاجيتها. وبفضل تحليل 400 دراسة حالة، رصدنا فرصاً عدة من شأنها تعزيز إنتاجية البنية التحتية. ومن خلال الإقدام على ذلك، يمكن توفير 40 في المئة من كلفة البنية التحتية العالمية (أو تريليون دولار سنوياً). وإن عاودنا استثمار المبالغ التي وفرناها تمكّنا من تعزيز إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 3 في المئة تقريباً بحلول العام 2030. وفي ما يلي الطريقة التي يمكننا اعتمادها: 1. يجب تحسين الخيارات المرتبطة بالمشاريع التي نستثمر فيها: فبدلاً من أن تكون مجرّد تمارين تعزّز الكبرياء، يفترض أن يكون الترابط واضحاً بين مشاريع البنية التحتية والأهداف الاقتصادية من جهة، وأهداف التنمية الاجتماعية الأوسع نطاقاً من جهة أخرى. وعلى الحكومات تقييم التكاليف والمنافع بشكل حثيث، وتحديد الأولويات بحسبها، مع العلم بأن القيام بخيارات ذات طابع إستراتيجي أكبر قد تسمح بتوفير 200 مليار دولار سنوياً حول العالم. 2. يجب ترشيد عملية تسليم المشاريع: تتمتع الدول بإمكانية هائلة على تعجيل وتيرة منح التراخيص والاستحواذ على الأراضي، لا سيما في مشاريع البنية التحتية الجديدة في قطاع النقل، وفي مجال هيكلة العقود الهادفة إلى تشجيع الابتكار وتعزيز التعاون مع المقاولين. وقد يسمح ذلك بتوفير مبلغ يصل إلى 400 مليار دولار سنوياً. 3. بدلاً من الإسراع لتوليد قدرة إنتاجية جديدة، يجب الاستفادة أكثر مما نملكه أصلاً: ومن شأن هذه الخطوة بدورها أن وفر 400 مليار دولار سنوياً. وعلى سبيل المثال، باستطاعة الولاياتالمتحدة أن تتجنّب إنفاق مبلغ يتراوح بين ملياريْ دولار و6 مليارات دولار سنوياً، عبر مدّ شبكات توزيع ذكية. لا شك أن توفير المال من خلال تعزيز إنتاجية البنية التحتية يضمن مصلحة الأطراف كافة، وهو أمر مفيد لاسيما في ظلّ مرحلة من ضعف النمو العالمي. والحال أننا أمام كل الحوافز التي تدفع بنا إلى التصرّف بذكاء أكبر على صعيد مواجهة مشكلاتنا في البنية التحتية. (جيمي هكستر مدير في شركة «ماكنزي أند كومباني» ومسؤول عن ممارسات البنية التحتية اتخذ من واشنطن مقراً له. أمّا يان ميشكي، فهو أحد كبار الزملاء في معهد «ماكنزي» العالمي، واتخذ من زيورخ مقراً له، في حين أنّ ريتشارد دوبس مدير معهد «ماكنزي غلوبال» في سيول، كوريا الجنوبية، وقد ساهم هو أيضاً في صياغة هذا المقال).