صدرَ عن مجلس وزراء الداخلية العرب الذين اجتمعوا في الرياض خلال اليومين الماضيين بيانٌ إعلاميٌ، نعتقد أن أهم ما جاء فيه ضرورة التصدي للمخاطر التي تهدد أمن المواطن العربي، وهذا ما لخّصته كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ألقاها نيابة عنه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية خلال افتتاح المؤتمر ونعتبرها بمثابة خريطة طريق للأمن العربي المشترك، حيث أكدت أن مواجهة التحديات المحيطة بالأمن العربي تتطلب تشخيصاً دقيقاً لهذه التحديات، وصولاً إلى صياغة رؤية أمنية عربية شاملة في أفق مواجهة تتسم بالحكمة السياسية، والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية والقدرة على درء المخاطر، وإقرار النظام، وتقوية التماسك الاجتماعي، وتعزيز مسيرة التنمية، ودعم قدرات أجهزة الأمن وتضافر الجهود، وتطوير التنسيق الأمني المشترك، وتفعيل دور المؤسسات الدينية، والاجتماعية، والتعليمية، والتوجيهية. ومن الأمور التي يجب التأكيد عليها قرار أصحاب السمو والمعالي الوزراء إنشاء جائزة عربية باسم فقيد الأمن العربي، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - كما أجمعوا تقديراً منهم للدعم البنّاء الذي توليه المملكة العربية السعودية للعمل الأمني العربي المشترك على تنصيب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز رئيساً فخرياً للمجلس، لما يتمتع به من حس بالمسؤولية، ومن كفاءة واقتدار على مواصلة مسيرة المجلس الموفقة التي قادها المغفور له - بإذن الله - الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله -. إن التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب ليست خافية على أحد، فهي تُعد أكثر تجارب دول العالم ثراء لأنها تعتمد على المكافحة الاجتماعية والفكرية، فضلاً عن المكافحة العملياتية والاستباقية، كما يعلم القاصي والداني حجم الإنجازات التي تحققت من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب عبر السنوات السابقة بخصوص قضايا الأمن العربي المشترك بفضل توجيهات وقيادة الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - السديدة وسياسته الحكيمة، وحينما كان الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية تبنى سياسة مناصحة المتورطين في جرائم الإرهاب ومعاملتهم على أنهم مخطئون ومغرر بهم. من هنا أخذ الأمير محمد بن نايف على عاتقه فكرة تأسيس مركز المناصحة والرعاية، وحظيت هذه الفكرة بدعم وتأييد من والده - رحمه الله - الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، حيث صدرت التوجيهات الكريمة لجهات الاختصاص بوزارة الداخلية بتشكيل اللجان الشرعية من أصحاب الفضيلة المشايخ وبمشاركة من العلماء الشرعيين والمستشارين النفسيين والاجتماعيين، وأمر والده الأمير نايف - رحمه الله - بأن تحمل هذه الفكرة الإنسانية اسم (مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة)، وبدأ عمل هذا المركز الإنساني عام 2006م لاستيعاب المتورطين في الفكر الضال وإعادة إدماجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المركز المختلفة والوصول بالمستفيد منه لمستوى فكري آمن ومتوازن له ولمجتمعه، وقام المتخصصون الشرعيون بالتفاعل المباشر مع المحتجزين من خلال الحوار والنقاش، من خلال اللجان النفسية التي ضمَّت متخصصين نفسانيين واجتماعيين اعتمدوا على الطب النفسي وعلم الاجتماع بتقييم وضع المحتجزين وحاجاتهم الاجتماعية ليكونوا مواطنين صالحين ومنتجين لصالحهم وأسرهم ووطنهم. هذه التجربة التي شجعها وتبنى دعمها المغفور له - بإذن الله - الأمير نايف بن عبد العزيز قائد الأمن العربي، والتي قادها وأشرف عليها الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية في تعامله مع المتورطين في قضايا الإرهاب والمغرر بهم التي لم تقف عند حدود الوطن وعند رضاء المواطن وأهالي المتورطين في قضايا الإرهاب بتعامل المملكة، بل حظيت أيضاً بإعجاب دولي على المستوى العالمي، بل واعتبرها كثيرون نموذجاً يُقتدى به في مواجهة الإرهاب.. ويحسب للأمير محمد بن نايف مساهمته الفاعلة في نبذ العنف ومكافحة الإرهاب التي قادها والده الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - من خلال الخطط الاستباقية التي تم تنفيذها بحرفية عالية، وأنقذت بلادنا من ضربات كثيرة أعدت لها الفئة الضالة والمغرر بها، من هنا جاء التقدير والعرفان بالجميل من مجلس وزراء الداخلية العرب بضرورة إنشاء جائزة باسم فقيد الأمن العربي الأمير نايف، وتنصيب الأمير محمد بن نايف رئيساً فخرياً لمجلس وزراء الداخلية العرب، اعترافاً بدور خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في دعم القضايا العربية وبالرعاية والدعم اللذين توليهما المملكة لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك.