الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    احتضان المارقين.. بين ندم الدول المحتضنة وخسارتها    السعودية وكأس العالم    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    حلاوةُ ولاةِ الأمر    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    %91 غير مصابين بالقلق    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    وهم الاستقرار الاقتصادي!    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منحت الملك عبدالله وسام النسر الأبيض وشعباً مسالماً يحب السعودية
«بولندا» ضاعت في خارطة العالم ونشأت في التطور والديمقراطية
نشر في الجزيرة يوم 25 - 04 - 2013

(بولندا) ... قيمة وحضارة وثورة ملأت مواطنيها العزة والقوة وتفوقوا على الاضطهاد وسيطرة الغرب سنين طويلة إلى ساحة عطاء ونماء وتفوق، واستطاعوا تجاوز الانهيار الاقتصادي والبيروقراطية والمركزية إلى حركات الإصلاح وتجاوز التفكك الاقتصادي والتبعثر السياسي إلى جمهورية تحركها إلى عمليات التطور ورسم مستقبل مضيء لكافة شرائحه ومناطقه.
سعدتُ بالانضمام ضمن وفد صحفي سعودي بدعوة من السفارة البولندية في الرياض يستكشف (بولندا) الدولة الواقعة في أحضان أوروبا، ولا أخفيكم القول إنه عندما حادثني الدكتور يعقوب سلاويك مستشار السفير البولندي في السعودية داعياً ومرغباً في قبول الدعوة ترددت كثيراً ليس لعدم القدرة ولكن لطول المسافة والتنقل بين السعودية وبولندا التي لابد من الوصول اليها عبر إحدى دول أوروبا أو تركيا كون الخطوط السعودية لا تصل إلى هناك مباشرة.
وفي ختام الحديث أبديت الموافقة وتم تحديد الوقت للسفر بوجود الزميلين الدكتور خالد باطرفي من عرب نيوز وبدر القحطاني من الشرق الأوسط.
بولندا والأربعون مليون
التحرك في هذه الرحلة بدأ من جدة مع زميلي الدكتور خالد باطرفي بعد منتصف الليل متوجهين إلى الرياض ومنها صباحا إلى استنبول بعد أن انضم إلينا كل من الدكتور يعقوب سلاويك مستشار السفير البولندي في السعودية وبدر القحطاني عبر الخطوط التركية والتي امتدت فيها الرحلة إلى اربع ساعات ونصف، وما شد انتباهي في هذه الرحلة عدد كبير من السعوديين المتوجهين إلى تركيا رغم عدم إجازة مدارس إلا أنه يعطي الانطباع انهم اما مبتعثين إلى دول في أوروبا أو سياح لأيام معدودة في استنبول الأوروبية، المهم ان الرحلة كانت ممتعة في الجو ولكنها في الأرض كانت متعبة لسبب بسيط هو ان وصولنا ومغادرتنا إلى وارسو عاصمة بولندا لا يتجاوز النصف ساعة وهذا بكل تأكيد يتطلب لياقة عالية وسرعة بين بوابات المطار في استنبول، والحقيقة ان المستشار يعقوب قد حصل على المركز الأول ولا غرابة فهو أوروبي ويمارس الرياضة ويمتاز بالرشاقة ومع ذلك وصلنا إلى بوابة المغادرة لركوب الطائرة المتجهة إلى وارسو في رحلة امتدت إلى ساعتين تقريباً.
وفي الجو بدأت مرحلة العمل الإعلامي وكنت محظوظاً بالجلوس بجانب الدكتور يعقوب ودار الحديث عن بولندا الجمهورية التي يجهلها الكثير من السعوديين رغم وقوعها بجانب التشيك التي تعتبر منطقة علاج طبيعي وسياحة ويرتادها الآلاف من الخليجيين، الا انه اكد غياب المعلومة السياحية لدى الكثير السعوديين وقد يكون تقصيرا من البولنديين أنفسهم رغم أن الشراكة والتبادل التجاري بين المملكة وبولندا يصل إلى خمسمائة مليون دولار ما بين استيراد وتصدير وان كانت سابك تأخذ النصيب الأكبر من التصدير لبولندا.
وأضاف لي يعقوب سلاويك ان بولندا تعتبر من أكبر ستة دول في الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادياً وهي من الدول المتقدمة في مجال التنمية البشرية وفقاً لتقرير منظمة الأمم المتحدة، ويبلغ عدد سكان بولندا حوالي 40 مليون نسمة، ويشكلون الغالبية العظمى بينما هناك أقليات ألمانية وأوكرانية وروسية بين الجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد وهناك الفيتناميون الذين يشكلون الأغلبية، وهم أكثر شعوب وسط أوروبا نمواً، وترتفع الكثافة السكانية في الجنوب وتقل في الشمال.
«بولندا» ضاعت في خارطة العالم
يضيف الدكتور سلاويك في حديثه عن الوضع السياسي بعد سؤالي له قائلاً لقد نُصب خروبري كأول ملك بولندي للبلاد عام 1025م وضُمت أجزاء كبيرة من البلاد إلى الامبراطورية الرومانية عام 1163م وتعرضت البلاد لضربة قاسية عام 1241م عندما اكتسحها المغول بقيادة باتو خان وأبيدت الإمارات الجنوبية ولم ينفع جيش ألماني بولندي من إيقافهم في معركة ليغنيتسا، بعد إعادة توحيد البلاد تدريجياً في القرن الخامس عشر، وأُعلن قيام الوحدة عام 1447م مع ليتوانيا.
وقُسمت بولندا ثلاث مرات في الأعوام 1772، 1793 و1795. بعد هزيمة نابليون، اتفقت الدول المنتصرة: النمسا وبروسيا وروسيا على تقسيم بولندا نهائياً فيما بينهم عام 1815م وأضحى البولنديون شعب بلا دولة حتى إعلان قيام مملكة بولندا مجدداً عام 1916م في خضم أحداث الحرب العالمية الأولى 1914 - 1919م وأُعلنت الجمهورية عام 1918م وضمت في السنوات اللاحقة أراضي بولندية سابقة للدولة في فترة ما بين الحربين العالميتين 1919 - 1939م. ويتحدث الدكتور يعقوب بألم عن أوضاع بولندا السابقة بقوله عاشت بولندا حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وساعد ضعفها في السيطرة على الأوضاع في مواجهة التهديد السوفيتي والألماني المستمر على ذلك هو الاتفاق بعدم الاعتداء بين هتلر وستالين عام 1939م وقسمت الأراضي الواقعة بين بلديهما ومن ضمنها بولندا، وأشعلت ألمانيا فتيل الحرب العالمية الثانية بغزوها لبولندا في 1 سبتمبر/أيلول 1939م وتقدمت القوات السوفياتية من جهة الشرق وأصبحت بولندا خلال أيام معدودة غير موجودة على الخريطة.
وسرعان ما أعلنت ألمانيا الحرب على الاتحاد السوفياتي عام 1941م واستولت لاحقاً على شرق بولندا أيضاً وتمكنت القوات السوفياتية من هزيمة القوات الألمانية وبسط السيطرة السوفياتية على بولندا مجدداً عام 1945م، وبدأ السوفيات ببناء الدولة البولندية الجديدة على الطريقة السوفياتية الشيوعية، وكانت بولندا من الآن فصاعداً جزءا من الكتلة الشرقية ففي عام 1952م وأُعلنت بولندا كجمهورية شعبية بدستور جديد وفي عام 1955 أُسس حلف وارسو وبدأت الحركة الديمقراطية بالصعود في بداية الثمانينات إلى أن تمكنت عام 1989 من تشكيل أول حكومة بدون أن يكون رئيسها شيوعي ليخ فاوينسا وأصبح عام 1990 أول رئيس للبلاد منتخب.
وأعلنت بولندا وهنغاريا وتشيكوسلوفاكيا عام 1991 رغبتهم في الانضمام للغرب وأصبحت بولندا في نفس العام عضو بالمجلس الأوروبي، وعام 1999 بحلف شمال الأطلسي (الناتو) وعام 2004 بالاتحاد الأوروبي.
الثلوج وأجواء الربيع
استمر الحديث عن بولندا إلى ان وصلت بنا الطائرة إلى مدرج الهبوط في مطار وارسو الذي يعد ضخما وجميلاً ولكن ما لفت نظرنا هو كميات الثلج التي تغطي شوارع ومحيط المطار فسألت يعقوب عن هذا الوضع فقال ان أيامنا هذه تعتبر ايام ربيع والغريب في الأمر ان الشتاء لازال متواصل والبرد مستمر ولكنه غير قارس وينبهنا أبو زهرة كما اطلقنا عليه هذا اللقب أسوة بالسعوديين الذين يحبون بالمناداة بأكبر الأبناء بالحذر ولبس الجاكتات خوفا من البرد الذي قد يداهمنا أثناء خروجنا من المطار ومسترسلاً بالحديث عن الأجواء البولندية قائلاً أراضيها بين المناطق المنخفضة في شرق أوروبا والمناطق المنخفضة في شمال ألمانيا طبيعة البلاد في الشمال سهلية بينما تزداد المرتفعات كلما اتجهنا جنوباً. ويوجد فيها سلستي جبال السوديت وكارباتي ومناخها بشكل عام معتدل، ويصبح قاريا كلما اتجهنا شرقاً وخاصة جنوب شرق.
وتقع بولندا وسط قارة أوروبا، ويحدها بحر البلطيق من الشمال، وتشيكوسلوفاكيا من الجنوب، والاتحاد السوفيتي (السابق) من الشرق والشمال الشرقي، وألمانيا من الغرب، وتبلغ مساحتها (312،683) كيلو متراً مربعاً،، وأهم المدن كراكوف، وبوزنان.
وينتمي مناخ بولندا إلى النمط القاري البارد، وهذه السمة تأتي من موقعها المتطرف، وبعدها عن المؤثرات الاطلنطية، فالشتاء بارد وتنخفض الحرارة في معظم مناطقها إلى ما دون الصفر، ويتساقط الثلج في معظم أيام الشتاء، ويتأثر المناخ بالرياح الباردة القادمة من الشمال، والصيف دافئ، وتساقط الامطار معظمه في الصيف، والمرتفعات الجنوبية أوفر مطراً من السهول في الشمال.
العلاقات السعودية البولندية
يؤكد الدكتور يعقوب على عمق العلاقات السعودية وبولندا وانها تعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي حيث توجد مخطوطة باللغة اللاتينية كتبت من قبل كاتب بولندي أشار فيها إلى وصوله إلى مكة المكرمة في القرن الثامن عشر الميلادي. وبعدها وحسب الوثائق المدونة قام أحد البولنديين ويدعى فاتسواف جيفوسكي في عام 1817م بجولة في منطقة الشرق الأوسط, شملت منطقة نجد وشراء أجود أنواع الخيول العربية, ومن ثم وفي عام 1844 قام أيضاً أحد البولنديين يدعى ييجي جيفوشيتسكي أثناء جولته في منطقة الشرق الأوسط بزيارة لمدينة حائل حيث اقتنى عدداً من الخيول العربية, إلى جانب ذلك فقد شهد هذا القرن وصول عدد من الرحالة البولنديين إلى شبه الجزيرة العربية.
وقد بدأ العهد الجديد للعلاقات السعودية البولندية مع بداية تأسيس المملكة العربية السعودية ففي عام 1929م اعترفت بولندا رسمياً بالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حاكماً على الحجاز ونجد وملحقاتها, وبذلك تكون الدولة الثامنة في العالم التي تقوم بذلك وأقامت علاقات رسمية معها. وفي مايو عام 1930م استقبل جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله- وفداً بولندياً رسمياً برئاسة نائب مدير دائرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البولندية ادوارد راتشينسكي (والذي أصبح فيما بعد سفيراً ووزيراً للخارجية البولندية ورئيساً لحكومة المنفى البولندية أثناء احتلال بولندا من قبل النازية في الحرب العالمية الثانية). في المقابل قام الأمير فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- في عام 1932م
(والذي أصبح ملكاً في عام 1962م) بزيارة لبولندا بصفته وزيراً للخارجية ورئيساً لمجلس الشورى حيث تم في غضون تلك الزيارة الاتفاق على التعاون المشترك بين البلدين في المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية.
وقد منح الأمير حينذاك وسام جمهورية بولندا من الدرجة الأولى والذي يطلق عليه وسام الأصالة البولندية (Polonia Restituta).
ثم وقعت الحرب العالمية الثانية عام 1939م والتي دامت حتى عام 1945م بعدها قطعت العلاقات بين البلدين على أثر وقوع بولندا في براثن المعسكر الشيوعي ثم عادت الاتصالات رسمياً في عام 1989م وذلك بعد انهيار الشيوعية واستعادة بولندا لاستقلالها وسيادتها الكاملة. ومنذ ذلك الحين توالت الاتصالات المنتظمة بين وزارتي الخارجية في البلدين إلى أن قامت العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1995م.
الملك عبدالله ووسام النسر الأبيض
أشار مستشار السفير البولندي في المملكة إلى الزيارة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- والوفد المرافق لمقامه عام 2007م، حيث وجدت صداً واسعاً في الأوساط البولندية, وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين وقلد خلالها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وسام النسر الأبيض البولندي وهو أعلى وسام في جمهورية بولندا.
خادم الحرمين والمواقف الإنسانية
حديث الدكتور يعقوب فيه الحب والإعجاب تجاه الملك عبدالله بن عبدالعزيز خاصة فيما يتعلق بفصل التوأم البولندي حيث يقول في ديسمبر 2004م توجهت الطفلتان التوأم السياميان أولغا وداريا ترافقهما والدتهما وطبيبة بولندية إلى الرياض لإجراء عملية فصل أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على يد فريق طبي سعودي برئاسة الدكتور عبدالله الربيعة بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض، وقد أحدث سير العملية ونجاحها صدى واسعاً في جميع الأوساط البولندية وكان لها أثرها البالغ في زيادة زخم العلاقات البولندية السعودية وتعريف البولنديين بالوجه الإنساني الحقيقي للمملكة خاصة وأن المعلومات عن المملكة وقيادتها وشعبها كان شبه معدوم في الأوساط البولندية. ويضيف في نوفمبر عام 2005م تبرع من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمبلغ 300 ألف دولار لبناء المركز الدولي لتشجيع الحوار والتعاون الثقافي والتعليمي في مدينة يانيكوفو الواقعة في محافظة كويافسكو- بومورسكي مسقط رأس التوأم السيامي البولندي(داريا) و(أولغا) والتي تكفل العاهل السعودي بتمويل فصلهما. وامتناناً وعرفاناً لهذه اللفتة الكريمة أطلقت المدينة اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على هذا المركز. ونوه الدكتور يعقوب إلى تبرع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في أبريل عام 2009م بمبلغ 100 ألف دولار لمستوصف الولادة وسرطان الرحم التابع لمستشفى جامعة ياغيلونيسكي في مدينة كراكوف وكان تخصيص هذا المبلغ لمواصلة تحديث مباني المستوصف وشراء الأجهزة والمعدات الطبية الازمة.
البعثات والمنح السعودية في بولندا
أدت الزيارات المتبادلة بين وفود وزارتي التعليم والمؤسسات التعليمية في البلدين إلى تفعيل عمليات تبادل البعثات والمنح الدراسية بين البلدين. حيث يوجد حاليا حوالي 835 طالب وطالبة سعوديين مبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في عدد من مدن بولندا وفي جامعاتها المختلفة ويدرسون في الأقسام المختلفة واكثرها في الطب.
الزيارات الرسمية بين البلدين
حظيت العلاقات الرسمية بين البلدين بالعديد من الزيارات الرسمية على كافة الأصعدة وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاعلامية والثقافية والعسكرية والرياضية والتعليمية والانسانية، وكانت تتسم بتبادل الخبرات والمنافع لمصلحة البلدين وتطويرها وتوثيقها بما يتناسب وموقع البلدين فالمملكة تعتبر المحور الرئيسي للشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية وموطن الحرمين الشريفين، وبولندا تعتبر إحدى دول الاتحاد الأوروبي وكذلك حلف الناتو ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي واتحاد اوروبا الغربية ومنظمة الأمم المتحدة وبالتالي فإن العلاقات المميزة أكسبت الطرفين ثقلاً سياسياً مميزاً وترابطاً مستمراً يزداد يوماً بعد يوم نظير هذه العلاقة.
رحلة غدانسك الشيقة
ضمن رحلتنا إلى بولندا كان البرنامج يتضمن السفر إلى منطقة غدانسك التي تبعد عن العاصمة وارسو مسافة ساعة بالطائرة البولندية (لوت) والتي تعد من مناطق السياحة وتطل على بحر البلطيق وهي عاصمة التجارة البولندية، وميناؤها هو الميناء الرئيسي في بولندا ويحمل اسم المدينة. وتعتبر منطقة سياحية جميلة جداً تتميز بالأبنية القديمة وتطل أغلب مبانيها على بحر البلطيق الذي يزيد جمالاً وتألقاً، كما تمتلك المدينة العديد من الأسواق الشعبية الرائعة ومتحفاً للثورة ومركزاً ضخماً للدراسات الأوروبية للثقافة وفنادق رائعة ومطاعم بكافة الأشكال والأصناف وسقالة تطل على البحر مرتبطاً بالسوق القديم ومرتبط بسلسلة مطاعم لكافة المأكولات العالمية لأغلب دول العالم.
المسلمون في بولندا
بدأ المسلمون التدفق إلى الأراضي البولندية عام 1397م، استوطنوا في البداية لتوانيا، التي كانت ضمن الإمبراطورية البولندية، يعود أصلهم إلى بقايا التتر المسلمين الذين استعانوا بهم للحفاظ على حدودهم مع ألمانيا، وقد سمحت لهم السلطات بممارسة شعائر دينهم وبناء المساجد، وتنشئة أبنائهم وفق تعاليم الإسلام، فبلغ عددهم مائتي ألف مسلم.
وقد تعرض المسلمون في بولندا للاضطهاد، في القرنين السابع عشر والثامن عشر حين حاول البولنديون إجبارهم على اعتناق دينهم، وحرمانهم من المناصب، فأدى ذلك إلى هجرة كثير منهم إلى الدولة العثمانية، ثم عادت إليهم حقوقهم في الفترة بين الحربين العالميتين، بعد أن شاركوا في استقلال بولندا، فاعترفت الدولة، بالاتحاد الإسلامي البولندي سنة 1925م.
ثم انتهى كل ذلك، حين دخلت القوات الروسية والألمانية بولندا سنة 1939م وقاوم البولنديون، ومعهم المسلمون بقيادة الزعيم «على بليازيويتش» ومات عدد كبير منهم، ثم جاء (ستالين) ونفذ مجازر بشعة في حق المسلمين، وكانت أشهر مجازره يوم عيد الفطر سنة 1944م حين أحرق خمسة عشر مسجداً بمن فيها من المصلين، وقد أدت تلك المذابح إلى تناقص عدد المسلمين، بعد أن كان عددهم قبل الحرب العالمية الثانية 150 ألف نسمة تقريباً.
ويبلغ عدد المسلمين الآن في بولندا 25 ألفاً، ولهم مُفت يشرف على شؤونهم الدينية، كما سمحت لهم الحكومة بتشكيل المجلس الإسلامي البولندي بالعاصمة وارسو، وله حق بناء المساجد، وإنشاء المدارس.
وقد أقام المسجد الإسلامي البولندي مركزاً إسلامياً جامعاً في بياليتستوك يشمل مسجداً، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم، وقاعة للمحاضرات، وداراً للضيافة، ويُصدرون مجلة إسلامية اسمها «الحياة الإسلامية».
****
مشاهدات من الرحلة
* بذل الدكتور يعقوب سلاويك جهوداً كبيرة للوفد الإعلامي ويسر لهم كل الاجتماعات التي يريدونها مع كافة المسؤولين في بولندا بكل يسر وسهولة.
* قابل الوفد العديد من المسؤولين البولنديين الذين رحبوا بهم وأحسنوا استقبالهم وجاوبوا على استفساراتهم العديدة.
* أقام السفير البولندي في السعودية مأدبة غداء للوفد الإعلامي في منزله في الرياض بحي السفارات وكان سعيداً بالوفد وبزيارته الأولى إلى بولندا.
* تميزت الرحلة بتواضع وطيبة الدكتور خالد باطرفي من صحيفة عرب نيوز وبحماسة وطرافة الزميل بدر القحطاني من صحيفة الشرق الأوسط وبدقة مواعيد الدكتور يعقوب سلاويك.
* تنقل الوفد الإعلامي بين عدد من المطارات في سبيل الوصول إلى وارسو من خلال الطيران الأجنبي كون الخطوط السعودية لا تصل إلى بولندا مباشرة.
* فقد أحد أعضاء الوفد الإعلامي كاميرا التصوير الخاصة به ولكن أمانة السائق الخاص بالوفد أعادت الكاميرا رغم انتقالهم إلى غدانسك مما أعاد الفرح إلى قلبه كونها مهمة جداً له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.