كنت ومازلت أرى أننا في سائر مواقعنا واهتماماتنا بحاجة لتفعيل ونشر ثقافة المسئولية الاجتماعية، في فعل الخير والعمل التطوعي والتكافل واحترام الأنظمة والمحافظة على البيئة والشارع والمدرسة والحدائق والمرافق بوجه عام، ثقافة تربي وترتقي بالفرد وتجعل منه عنصرا فاعلا ومسئولا محبا وفيا ومخلصا لوطنه ومجتمعه، ولدينا في هذا الجانب الحيوي وفي مختلف القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية والخيرية وعلى مستوى الأفراد نماذج مضيئة ورموز وطنية نفخر بها، مثلما أننا نعتز ونبتهج لنجاحاتها وإسهاماتها في بناء وتنمية الوطن.. الأمير سلطان بن محمد المساهم المعطاء في أعمال الخير والشباب والثقافة والرياضة والفروسية لم يحقق النجاح والتفوق والتميز له ولأبناء وطنه بعد توفيق الله من فراغ وإنما بفضل تقلده واهتمامه بهذه المسئولية الاجتماعية، أذكر الأمير سلطان ونحن في حائل نحتفي بحصوله على جائزة حائل للأعمال الخيرية، وهي الجائزة التي جسدت عطاءات خير بدأت منذ سنوات ولم تتوقف، كنت قد سجلت عنها قبل 11 عاما خاطرة عابرة هنا في هذه الزاوية تحت عنوان( الأمير الفارس) وقلت فيها: ويستمر نبض الحب والخير والإنسانية والوفاء في قلب الفارس الشهم الكريم سمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير.. هناك في جنوب الوطن ثم إلى أقصى شماله مروراً بحائل الجود والأصالة والتاريخ.. يفتح أبواب الأمل ويرسم الابتسامة على طريقة الرجال الكرماء والنبلاء الشجعان في سخائه ومواقفه ومبادراته.. حدود عطائه الوطن كل الوطن.. هاجسه الوصول إلى حيث المدن والقرى والهجر البعيدة المتعبة ليزرع التفاؤل ويغسل الآلام والمعاناة لأهلها البسطاء الطيبين بجرعات كريمة وسخية هي الأجمل والأثمن والأغنى في موازين أعماله عند الخالق سبحانه وتعالى.. للأمير الفارس سلطان بن محمد سيرة عطرة في ميادين الخير ولكن بهدوء وصمت رائعين أعلم يقينا بأنه يرفض تماما الإعلان عنها والإشارة إليها.. لكنها الأمانة التي تجبرني على أن أكون أمينا في الإفصاح عن مشاعر ودعوات الكثيرين ممن غمرهم بمواقفه.. كما أنه الإسهام أو لعله الاستثمار والفعل والتفاعل لبث رسالة عنوانها الوفاء ومضامينها العطاء بإمضاء صادق ومعبر من الانقياء.. أكتبها هنا بقليل مما تحمله عقول وأفئدة من لايملكون إلا الدعاء له.. وهل هنالك لغة أدق وأصدق وأغلى من الدعاء..؟! يستاهلها زاد الله خيره وكثر أمثاله. اللوائح أهم من الأسماء من الطبيعي أن تخضع التشكيلة الأخيرة للجان اتحاد الكرة للأراء المتباينة من المتابعين، وأن ينظر إليها من زاوية الميول والأهواء والقناعات الشخصية حتى وهي تتم داخل اتحاد منتخب، وهذا ما حذرت منه قبيل إعلان التشكيل وقلت إن غياب آلية أو بالأصح معايير الترشيح ستفتح أبوابا للشكوك والتأويلات العاطفية.. الآن وبعد أن حسمت الأمور وهدأت العاصفة واقتنع الكثيرون بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، وأن اتهامات بعض المتأزمين تجاه أسماء بعينها لم تكن في محلها، أصبح من الضروري إيضاح أن نجاح هذه اللجنة أو تلك ليس مرتبطا بما تضمه من أسماء بقدر ما يتحقق من خلال وضوح وتكامل ودقة وقوة وسلامة صياغة ومضامين لوائحها، والحرص على تنفيذها بحذافيرها على الجميع بلا استثناء أو ازدواجية في القياس والتطبيق بين طرف وآخر، الأمر الذي يحقق العدالة ويرفع الحرج عن اللجان وعن اتحاد الكرة بكامله، زد على ذلك أنه يضع الأندية أمام الأمر الواقع ويجبرها على الالتزام هي ومنسوبيها بالأنظمة، وبالتالي تتفرغ لتطوير نفسها بدلا من الانشغال في قضايا جدلية شائكة ومزعجة كما هو حاصل الآن بمساهمة وتأثير من فوضوية لوائح وقرارات اللجان.. لو عدنا للسنوات الأخيرة الماضية لوجدنا أن السبب الرئيسي لسوء أداء الاتحاد وتزايد أخطائه وتوتر أجوائه مع الأندية والرأي العام هو الخلل التنظيمي داخل اللجان، لذلك نتطلع منه وعبر لجانه الجديدة أن يبادر لإعادة صياغة لوائحها دون ابتكار أو اجتهاد أو مقترح من أحد وإنما وفق ماهو معمول به في الاتحاد الدولي، وكذا الاستفادة من تجارب الاتحادات الأهلية الأخرى في الخليج وآسيا والتي سبقتنا وتفوقت علينا في هذا المجال.. شرط النجاح مع احترامي وتقديري لرئيس لجنة المسابقات الجديد الدكتور خالد المقرن، وبالرغم من ثقتي بإمكاناته وخبراته ومؤهلاته وحماسه إلا أنني أشك في أنه سيدير اللجنة بالشكل الذي يطمح إليه، وذلك لتعدد وتنوع المسابقات المحلية وارتباطها بالبطولات الخليجية والعربية والقارية والدولية للأندية والمنتخبات، بل لا أبالغ لو قلت إن الاتحاد الدولي نفسه سيقف عاجزا عن برمجة وتنظيم جدول مسابقاتنا المحلية في ظل كثافة وتداخل البطولات وعدم تقنينها.. تخيلوا لدينا 8 فرق من أصل 14 فريقا في الدوري، أربعة منها تشارك في أبطال آسيا وفريقان في العربية ومثلهما في الخليجية، وعلى غير ماهو سائد في كل دول العالم لدينا ثلاث بطولات محلية في الموسم إضافة إلى بطولة الأولمبي، وغير التصفيات المؤهلة لكأس العالم وكأس آسيا والأولمبياد هنالك كأس العرب للمنتخبات والدورة الإسلامية ودورة الخليج، هذه الخلطة العجيبة من استحقاقات الأندية والمنتخبات من المؤكد أنها ستحرج وتربك وتزعج أي لجنة ستتولى تنظيمها، لذلك فإن العيب لا يكمن في الكوادر المسئولة عنها وإنما في نوعية وكمية المسابقات.. إزاء هذه الحالة الصعبة والمعقدة ليس أمام اتحاد الكرة للخروج من هذا المأزق غير اتخاذ قرار حاسم لابد منه، وهو إعادة النظر في البطولات المحلية وعدم المشاركة خارجيا إلا في بطولة أبطال آسيا بالنسبة للأندية، والتوجه نفسه يسري على المنتخبات إذ من المفترض ألا يشارك المنتخب الأول إلا في البطولات المعتمدة من الفيفا ويدع البطولات الأخرى في حالة تعارضها مع الدوري للاعبي الدرجة الأولى أو يعتذر عنها، أما البطولات المحلية فلماذا لانكتفي بالدوري وكأس ولي العهد على أن تتحول بطولة كأس الملك للأبطال التي تضم 8 فرق إلى بطولة السوبر على كأس الملك بين بطل الدوري وبطل كأس ولي العهد من مباراة واحدة أو مباراتين ذهابا وإيابا، وفي ذلك تركيز وقيمة فنية للبطولة واختصار للوقت والجهد وترشيد للأعباء المالية، وتخفيف الضغط على الأندية واللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية وأيضا الملاعب والحكام.. مثل هذه القرارات المفصلية والضرورية لضبط وتطوير مستوى كرة القدم السعودية وتنمية استثماراتها وعائداتها المالية هي الاختبار الحقيقي لاتحاد الكرة ومعرفة مدى استقلاليته وقدرته على اتخاذ هذا النوع من القرارات، فهل يفعلها أم يستمر يؤزم نفسه ويواصل عثراته ويعرقل مسيرته في وقت تتسارع فيه خطى الآخرين؟ [email protected]