تتنوّع مناسباتنا بحمد الله من (وليمة) وهي وليمة العرس، وهي واجبة التلبيه لمن خُصّ بعينه، أما دعوة الأفراح بالبطاقات فهي واجبة التلبية للمقصود الأول، مسنونة للتابعين، أما دعوة (الجفْلى) أي الدعوة العامة.. فليست واجبة على الإطلاق. ومن المناسبات والاجتماعات (الوكيرة) وهي طعام الخلوص من البناء، ولعلها ما يسمى اليوم (إنزاله) ومنها (العقيقة) وهي طعام المولود، وهي توزع أثلاثاً للأهل وللفقراء والأقارب، ومنها (الوضيمة) وهي طعام المأتم!! عافانا الله وإياكم من المصائب. ومنها (المأدبة) وهي طعام الدعوة. ومنها طعام (النقيعة) وهي طعام القادم من السفر. ومنها (الغديرة) وهي طعام الختان. ومنها (القِرى) وهو طعام الضيف، و(الخرس) طعام الولادة ومنها (التّحفة) وهي طعام الزائر.. ومنها ومنها ومنها... فعسى الله أن يجعل أيامنا غُر، وليالينا زهُر، وأن يجعل أيامنا أفراح، وليالينا مِلاح... لكن الذي يقلب الأفراح إلى أتراح، ويورث النّكد والضغينة، ويخرج الضيوف من الوقار والسكينة إلى الحنق والغيبة والنميمة هو تأخر بعض الضيوف (هداهم الله) على صاحب الدعوة.. فتجد (المعزّب) يكون بين نارين إما أن (يقلّط) وهو على مضض، لأنه يرى أنه أهان ضيوفه الذين لم يحضروا!! أو ينتظر المتأخرين على حساب ضيوفه (المحترمين) الذين قدموا بالموعد المحدد!! فهو لا يدري أيمسكها على هونٍ أم يدسّها في التراب!! لكن الصواب أن يدسها في التراب.. أي أن يجعل الأولوية والاحترام والتقدير لمن جاءوا بالوقت المحدد.. فهم أصحاب حق، وهم الذين احترموا أنفسهم واحترموا الآخرين، أما أن يهين الجميع ليكرم (المتأخرين!!) فهذه قسمة ضيزى ومصيبة يضحك منها اللبيب.. حتى قال الحكماء: ومن المصائب في العزائم أن ترى حَجْزُ الجماعة لانتظار الواحدِ!! فهل هذا من العدل والإنصاف؟ ما لكم كيف تحكمون!! لماذا نشق على ضيوفنا ونسجنهم تلك الليلة من بعد العشاء إلى قرب الفجر؟! فأرى والرأي لسعادة القراء الفضلاء أن يحدّد موعد الطعام بساعة معينة، حتى لا يجد أحد في نفسه على الآخرين شيئا.. وكذلك أمر مهم يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وهو وجوب مراعاة ظروف ومتاعب (الآفاقيين) أي القادمين للمناسبة من الآفاق وهي المدن الثانية.. خصوصاً أن أكثرهم سيرجع في نفس الليلة، فلماذا لا يُبكّر صاحب المناسبة بمأدبته، ويستريح ويريح، وهذا أقلْ ما يردُّ به جميل من تعنّوا له من المناطق الأخرى فلا يزيد الطين بِلّة والداء عِلة.. فالسفر بحد ذاته قطعة من العذاب فكيف إذا تأخر العشاء إلى الهزيع الأخير من الليل فمفترض أن لا يتجاوز الساعة التاسعة مساءً!! لا سيما ونحن في الرياض مثلاً نعاني مشقة الزحام وبعد المسافات (حتى أصبح من لا يدعيك للمناسبة هو صاحب المعروف عليك)!! وأمرٌ مهمٌ أيضاً وهو أن بعض الناس يدعون كل من هب ودبّ، والمفترض أن لا يدعوا إلا ما لا بد من دعوته.. لكي لا يشق على الناس ويحرجهم.. ففي الزواج مثلاً يقول صلى الله عليه وسلم: (أعظم النساء بركة أقلّهمّ مؤنة).. ومن الآفات عدم الترحيب والحفاوة بالضيوف أثناء دخولهم للصالة بشكل يليق بهم، وهذا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فالترحيب بجميع الضيوف أياً كانوا أغلى وأعلى لديهم من المأدبة بكثير.. يقول الطائي: أُضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديبُ فما الخصب للأضياف أن يُكثر القِرى ولكنما وجه الكريم خصيب ومنها أن بعض الضيوف لا يعرفون تقاليد السلام ولا أصوله ولا عادته المشروعة، فتجدهم يبدؤون بالسلام إذا دخلوا المجلس باليمين، ظناً منهم أنهم يطبقون السنة وهذا خطأ... والسنة كما قال ابن عثيمين وغيره من العلماء أن تبدأ (بالسلام - والقهوة - والبخور - والشاي - والماء) بكبير القوم أو رئيسهم أو أميرهم أو الرأس فيهم.. ثم بمن يمينك أنت، حتى تنتهي بمن هو أيمن رأس القوم.. ومن الآفات أيضاً: مصافحة جميع الحضور.. والسلام عليهم من أولهم إلى آخرهم وهذا خطأ.. يقول ابن عثيمين رحمه الله: (وهذا ليس من السنة ولا من عادة الصحابة، ثم قال: وقد استشرت من يعتد به من علمائنا (أظنه يقصد ابن باز رحمه الله) فوافقني بأن هذا خطأ.. السنة من عمله صلى الله عليه وسلم: أنه يسلم بصوته فقط، ثم يجلس حيث ينتهي به المجلس.. وفي الصحيح كان الصحابة إذا تلاقوا تصافَحوا.. وإذا قدموا من سفر تعانقوا..) فالقادم من السفر أو القريب أو.. أو.. أو.. فله شأنه.. وهذا لا ينافي أن المسلمين إذا تصافحا تحاتت خطاياهم.. أدام الله أفراحنا، وأبعد أتراحنا، والسلام عليكم. - محافظة / رياض الخبراء [email protected]