تتسارع الأيام بنا.. أهذا حقيقة.., أم أن إحساسنا بالوقت تغيّر..؟؟.., شغرته الحياة بتفاصيلها..، تلك التي يصنعها الإنسان على أرضها بحركته المطردة..، اللولبية،.. التي لا تهدأ متاريسها.., ولا تني لحظة..؟ أم أن إدراك الإنسان المعاصر بحركة الوقت قد تفاقم الوعي بها حدَّا لم يكن يدركه الإنسان في الزمن الذي طوَّف، واختفى..؟ أو هل لأن مطامح الإنسان المعاصر تضخمت, فشعر بأن الوقت يمر به سريعاً لا يستوعبها.., إذ لا يكاد اليوم يبدأ به، إلا يكون الشهر أوشك على الانتهاء، والسنة ولَّت عنه..؟! فما تكاد الساعة تتطابق عقارب أرقامها في يوم لليلٍ أدبر.., والصبح فيه يأفل.., والسنة قد قضت..!!.. هكذا حال الإنسان مع الوقت، يطوي أوراق السنة طيا.., ينفد منه الزمنُ كما تنفد غيمة أفرغت.., ثم ذهبت..!! ثم أخذ يتعقبها فلا يلوي على شيء..!! يدهشني هذا التوقف اليومي عند خانة تسجيل أرقام عدد الأيام, والشهور, والأعوام، كلما بدأت كتابة الحرف الأول في مقال كل يوم..! ذلك لأنني كبندول الساعة أقف على رأس الوقت، وكمشرف الطابور المدرسسي أرقب حركة التاريخ.. لأملأ خانة الترويسة لكل مقال بميعاده..! تراودني دهشات كثيرة، تمد في متعة الإحساس بالزمن..، تغوص لأعماق المتعة بخفاياه تلك التي تبعث فيَّ شعوراً مهيباً بقدرة الله وخفي إبداعه تعالى..! الزمن، وحركته، وسره, ومائيته, وانفلاته, وغيبيته, وهلامه، وحقيقته, أمر مدهش فوق قدرة الإنسان لأن يستوعبه.. حين يبدأ بشهقة تماس بالأرض.. وينتهي بصمت تماس بتربتها..! ومن قبل في الغيب.., وفي الأحشاء..! تنتابني سانحات من التفكر في حكمة التطور الذي تتقدّم به مراحل أنفاسنا على الأرض.. وتحتويني موجات حزن حين أحسب أن الذي قدمناه للحياة بدءاً بأنفسنا.., والتراب الذي يقلنا.., والناس الذين يشاركوننا كثيراً.., وهو قليل.. عند عرضه على ميزان التفكر في الزمن..!! يعزيني التاريخ وحده بأرقام أيامه.., وشهوره.., وسنيه.. عزاء يربت على عدد ما مرّ منه.. في حسابنا البشري.., ويأمل فيما سيأتي منه.., إن كان هناك لا يزال متسع من الفراغ له في خانة الآتي من أعداده.., وحركة انطوائه المستشرَفة بين عيوننا..!! عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855