يُظهر بحثنا أن الابتكار في الطريقة التي تعتمدها شركة لحث قواها العاملة على الالتزام هو موضوع غالباً ما يكون من الطرق التي يتم تجاهلها لتعزيز الأداء في إطار نموذج أعمال، مع الإشارة إلى أن التركيبة الأساسية للعلاقة بين الشركة والموظفين لم تتبدل كثيراً خلال السنوات الخمسين الماضية، وإلى أن الشركات التي تعتمد على توقّع للاحتياجات المؤسسية تكتفي باختيار طبيعة الموظفين وبتحديد عددهم، ومن ثم تحدِّد ساعات عمل لهم، وتضع على عاتقهم مسؤوليات. وتتحدى قلّة من الشركات الرائدة هذا النموذج التقليدي، وتكتشف فرصاً غير مسبوقة في سياق ذلك، وهي تقوم بذلك من خلال: - معاودة التفكير في هوية موظفيها: تُعرِّف المؤسسات التقليدية مجموعة من الأفراد على أنهم «موظفوها»، قبل أن تدرك بالكامل مواهب كل شخص واحتياجاته. وتقوم شركة «لايف أوبس»، التي توفر خدمات للعملاء بالاستناد إلى مجموعة من النظراء، باستبقاء قوى عاملة مجازية تضمّ عملاء مستقلين يعمدون - وفقاً لجداول أعمالهم - إلى الإعلان عن مدى توافرهم، للانضمام إلى مجموعة من المواهب الذين ينتظرون دورهم ليتم «تعيينهم»، ما إن يتم الطلب على أوصاف تنطبق مع تلك التي يملكونها. وتجمع «لايف أوبس» ما يكفي من البيانات عن أداء الموظفين لتوجيه الاتصالات بذكاء نحو الوسيط المتوافر الأفضل. وتسمح المقاربة الفريدة التي تعتمدها «لاي أوبس» بإلغاء حالات عدم الكفاءة المتعددة، المرتبطة بمراكز الاتصال التقليدية التي تضمّ موظفين خاملين، والتخلُّص من فترات الانتظار المطوّلة ومن تحويل الاتصالات إلى وسطاء تنقصهم الكفاءة. - معاودة التفكير بأماكن عمل الموظفين ودواماتهم: يعمل جميع موظفي شركة «أوتوماتيك»، وهي الشركة الأم لمنصة المدوّنات الإلكترونية الرائدة «وردبرس»، من المنزل أو من أي مكان يوجدون فيه. ولا ساعات عمل محددة لفريق عمل «أوتوماتيك»، كما أنهم ليسوا مضطرين إلى تثبيت حضورهم في المكتب. وتتحدى الشركة بشكل أساسي الافتراض الذي يفيد بأنه من الضروري أن يكون الموظفون حاضرين جسدياً ليوفروا أفضل أداء لهم في العمل. - معاودة التفكير فيما يفعله موظفوهم: تُكلّف المؤسسات التقليدية الموظفين بالعمل ضمن فرق أو مشاريع، أو في إطار مهام معينة. وبالاستناد إلى تقييم الشركة لمواهب كل موظف ومصالحه، يكلّفهم المديرون بمشاريع تكون الأكثر تناسباً لهم. والجدير ذكره أن مبادرة «غوغل» المشهورة، التي تخوّل المهندسين إنفاق 20 في المئة من وقتهم على العمل على مشاريع تستهويهم، تشكّل تحدياً للمفهوم الذي يفيد بأنه لا يجدر بالموظفين إلا التركيز على المهام التي تم تفويضهم بها. يُذكر أن بعضاً من المنتجات الأشهر لدى «غوغل»، على غرار بريد «جي ميل» وصفحة «أخبار غوغل»، كانت ثماراً لمشاريع الهواة هذه. وقد لا تكون كل هذه الابتكارات مناسبة لكل المؤسسات، ولكنها تسلّط الضوء على مدى أهمية تحدّي الشركات لافتراضاتها المرتبطة بالعلاقة بين الموظف ورب العمل. - (كاران جيروترا أستاذ في كلية «إنسياد» في فونتينبلو، فرنسا. وسيرغي نيتيسين بروفسور لمادة التكنولوجيا العالمية والابتكار في «تيمكن» ضمن كلية «إنسياد»).