أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تُؤثِّر بِشَكلٍّ كبيرٍ في تشكيل العقول بل والإسهام في التحولات داخل المجتمعات وتكوين مستقبلها، وبخاصَّة عبر أفكار الشباب الذين يقودون هذه المواقع بِكلِّ جرأة بالرغم من أنَّها أحدثت الكثير من الفوضى والبلبلة في النقاش والطَّرح والتحليل في أغلب الأحيان. ولم تعد الحكومات العربيَّة قادرة على السيطرة والتحكُّم في مواقع التواصل الاجتماعي ومنها «تويتر» بِكلِّ تأكيد، حيث أصبح تعلَّق كل فرد بهذا التواصل من أجل البحث عن المعلومات والحقائق وكل ما ممنوع نشره في الإعلام الحكومي، وبخاصَّة فئة الشباب تلك الفئة التي تتعطش للحصول على ضالتها من المعلومات في عصر انكسرت فيه جميع الحواجز بين الأشخاص والحكومات من جهة وبين الأشخاص وامتلاكهم لحرية التَّعْبير ونشر المعلومة من جهة أخرى. وبالرغم من الرقابة ووسائلها المتاحة للسيطرة على ما ينشر على «تويتر» إلا أن الدول العربيَّة بِشَكلٍّ خاصٍ أصبحت غير قادرة على التحكُّم أو التأثير فيما تريد ننشره خارج الأسوار إلا في حدود ضيقة للغاية بسبب التطوّر الهائل في تقنيَّة الاتِّصال وفرض ثقافة جديدة على الأفراد والمؤسسات قوامها النشر السَّريع والتأثير بِكلِّ شفافية فائقة، شاء من شاء وأبى من أبى، هذا بالرغم من اعتراض بعض المشكلات التي تواجه الكثير ممَّن ينشر رأيه أو ما يكتبه عبر « تويتر»، حيث أقدَّمت بعض البلدان العربيَّة على محاربة بعض الأسماء التي تدعي الحرِّية في النشر من باب أن الرأي مكفول للجميع، بل وفرضت هذه الدول غرامات ماليَّة باهضة على كلٍّ من يسيء أو يسهم في التجريح أو الإساءة أو القذف، أو اللجوء إلى التشهير بالطرق المحرَّمة أو غير المشروعة كما تقول هذه الدول!. ودعوني هنا اقتبس ما ذكره وزير الثَّقافة والإعلام السعودي الدكتور «عبد العزيز خوجة» عندما أشار قبل أيام إلى أن السيطرة على «تويتر» لم تعد ممكنة، فقال: «يصعب مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصَّة «تويتر» حيث إن هناك أكثر من ثلاثة ملايين مستخدم داخل المملكة العربيَّة السعوديَّة لوحدها، ووزارته لا تستطيع مراقبة كل ما ينشر عبر هذه الشبكة العالميَّة لصعوبة مراقبة ما يكتبه كل فرد بالمملكة، حيث بات من الضروري رفع الوعي لدى أفراد المجتمع والرقي بما يكتبونه في هذا الموقع تحديدًا، وأن مسألة المراقبة الشَّاملة من الصَّعب تحقيقها نظرًا لكثرة مستخدميه، فالزمن كفيلٌ بأن يتعلم الأفراد كيف يعبّرون عن آرائهم والتَّعامل مع الأحداث بطريقة أكثر فهما ودرايةً واستيعابًا». وأنا أرى: بأن إطلاق حملات توعوية عبر المدارس والجامعات تنبه إلى أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وآثارها الإيجابيَّة والسلبية على المجتمع باتت قضية مهمة ومطلوبة لبناء جيل من الشباب الصالح لقيادة بلدانهم على قدر من المسئولية!!. كلمة أخيرة: «تويتر» سلاح ذو حدين، وانفجار كوني خارج السيطرة؛ لأنّه أحدث زلزالاً بين فئة الشباب!!. - كاتب وأكاديمي قطري