الزملاء والزميلات ممن عملَ أو درسَ في أقسام التربية الفنية، يعلم أن الهدف الأساس منها تخريج معلمي ومعلمات مجال التربية الفنية لسوق العمل في التعليم العام، بينما فتحت الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)، إما لتأهيل أعضاء هيئة تدريس في كليات وأقسام مشابهة، أو للعمل في مجال التعليم أيضاً، ولكن في التعليم العام (ابتدائي - متوسط - ثانوي) بدل التعليم العالي، أسوة بما هو معمول به في بلدان متقدمة في المجال التعليمي مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك من أجل رفع مستوى وأدائية التدريس في المدراس، وهذا بالطبع أثّر على مخرجاتهم التعليمية، إضافة إلى الاختبار السنوي للمعلم في جميع المجالات كي يكون مؤهلاً لهذه الوظيفة الهامة والمؤثرة على المجتمع من خلال أفراده. وحديثي اليوم أشارك فيه القائمين على برامج الدراسات العليا في مجال (التربية الفنية) والذي تقلص أو تراجع في بعض الجامعات، ومنها على سبيل المثال جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي تحوّلت إلى كلية للتصاميم والفنون وألغت القسم تماماً، أو جامعة أم القرى التي تسعى لذلك قريباً، بينما فتحت جامعة الملك سعود برنامجاً للدكتوراه في مجال التربية الفنية بعد سنوات من تخريج أعداد هائلة في مرحلة الماجستير، خصوصاً من النساء والكثير منهن عاطلات اليوم لعدد من الأسباب أذكر منها ما يلي: السبب الأول: أن هؤلاء كن يعتقدن أن بإمكانهن التوظف في كليات التصاميم والفنون، بينما هذه الكليات تسعى لخبرات أكثر ارتباطاً بالفن كحرفة ومهنة من ارتباطها بالتعليم، وهو ما ينقص خريجة مهيأة أساساً لغرض تربوي تعليمي من خلال الفنون، لا لتدريس مهارة يدوية مخصصة بعمق وبإتقان عال. السبب الثاني: أن التعليم العام للأسف مبني مثله مثل أي جهة حكومية على أن الوظيفة ملك للموظف بغض النظر عن توفر الأكفأ والأنشط والأكثر إخلاصاً، مما جعل الطلب على معلمات التربية الفنية شبه معدوم حتى وإن كانت تحمل درجة الماجستير في التربية الفنية، بينما تتولى تدريس المادة في بعض الأحيان خريجة اقتصاد منزلي قد لا تعي مفاهيم الفنون وتاريخها ونظرياتها، مقابل خريجة عاطلة تحمل درجة الماجستير! إن في كثرة (العرض) في سوق العمل من خريجات التربية الفنية حاملات درجة الماجستير ليس خطأ أو مشكلة في حد ذاته، إنما الإشكالية في النظام الذي يُراعي (مصلحة شخصية) في توظيف شخص وضمان الأمن الوظيفي له بغض النظر عن مهاراته وقدراته ومدى إتقانه لعمله أو تطويره لنفسه، مقابل إغفال (مصلحة عامة) في توفير الكفاءات المناسبة واستبدال الموظف المقصر وغير القابل للتطوير بموظف ذي مؤهل مناسب أكثر ارتباطاً بالتطور العلمي والتقني المناسب لتغذية الأجيال الجديدة بما هو مناسب مع التطورات المتسارعة في العلوم والفنون باستمرار.. وهذا سيُؤثر حتماً في مخرجات التعليم، وبالتالي في نوع وشكل ثقافة الفنون بشكل عام لدينا. وهنا، طبعاً لم أتحدث عن دور الواسطة الذي يزيد الطين بلة، ولكن هي وجهة نظر قد يرى البعض استحالة تطبيقها لإصلاح الوضع، بينما قد يجد القائمون على التعليم (العام والعالي) منافذ أخرى لا ضرر ولا ضرار فيها لحل هذه الإشكالية! [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية