لم تحقق القوات الروسية التي يبلغ قوامها 140 ألف جندي سوى مكاسب ضئيلة ضد حوالي 11 الفا من المجاهدين الشيشانيين في الوقت الذي يحاول فيه الجنود الروس الاحتفاظ بتقدمهم في العواصف الثلجية الثقيلة. وقالت وكالة انباء ايتار تاس ان القوات الفيدرالية والمليشيا الشيشانية الموالية لموسكو واصلتا تقدمهما البطيء، والمكلف في العاصمة جروزني بدون الغطاء الجوي المعتاد بعد ان جعل تساقط الثلوج الطائرات تربض على الارض. ومازالت عمليات القتال تتركز في ميدان مينوتكا الاستراتيجي الذي يسيطر على الطرق الرئيسية التي تخترق المدينة قادمة من الشرق على الرغم من المزاعم المتكررة من قِبل القيادة الروسية بأنهم قد سيطروا على المنطقة. ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن متحدثين عسكريين قولهم ان القوات الروسية لا تحقق سوى تقدم زهيد لأن المقاتلين تقريبا من كل شقة من شقق المباني السكنية المرتفعة التي تحولت الآن الى مواقع حصينة جدا لاطلاق النار . ويقول المسؤولون انهم يعتقدون ان نصف المقاتلين المدافعين عن المدينة والبالغ عددهم 3,000 بأن اولئك سوف يقاتلون حتى النهاية . ويعتقد ان حوالي ثمانية آلاف من المقاتلين يتمركزون في الجبال الجنوبية وفقا لما قاله نائب رئيس الاركان الروسي فاليري مانيلوف الاربعاء الماضي في مؤتمر صحفي. وقاتلت القوات الروسية المجاهدين الشيشانيين في معارك ضارية بالشوارع من اجل السيطرة على وسط جروزني عاصمة الشيشان المتمردة الثلاثاء الماضي. وعرض تلفزيون ار تي ار المملوك لروسيا في نبأ له من مواقع المدفعية على مشارف العاصمة غروزني المحاصرة لقطات لاطلال المدينة التي يتصاعد منها دخان اسود كثيف وسط الدمار الذي اصاب المجمعات السكنية. وقالت اجهزة الإعلام الروسية ان نيران القناصة من المقاتلين تعرقل تقدم القوات الروسية في وسط المدينة المحطمة التي مازال فيها نحو 40 الفا من المدنيين المحاصرين في مخابئ وليس لديهم طعام كاف. ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن امرأة عمرها 70 عاما تختبئ في ملجأ من الهجمات الصاروخية الروسية قولها ان ليلة الاربعاء الماضي كانت اكثر الليالي المروعة منذ بدأت الحرب . واصبحت ارقام القتلى بين العسكريين الروس محل تدقيق اكبر في الاسابيع الاخيرة واشارت بعض اجهزة الإعلام الى ان الجيش الروسي كان يحاول اخفاء خسائره, وقال جندي روسي مصاب بجراح من شظايا اصابته ان الحرب ستبقى طويلا لأن الكثير من الشيشان مستعدون للقتال، هنا يقولون اننا محررون ولكننا في نظرهم معتدون . وقال جندي آخر ان الحملة العسكرية الروسية في الشيشان كانت سهلة في الشهرين الاولين حينما لاقت القوات الروسية مقاومة ضعيفة نسبيا واستولت سريعا على الاراضي المنخفضة في الشيشان, وقال الجندي الذي كان ممدا على سرير بمستشفى الى جانب صف من الجنود الجرحى الآخرين ثم واجهنا جرزوني , واحتدمت المعارك يوم الثلاثاء قرب ميدان مينوتكا الرئيسي في جروزني مع محاولة القوات التحرك الى الأمام في مواجهة نيران قنص شديدة. وقالت انترفاكس ان القوات الروسية باتت على مسافة 500 متر من الميدان الذي كان مسرحا لمعارك ضارية في الحرب التي نشبت بين عامي 1994 و1996 وانتهت بانسحاب الروس من الشيشان. والسيطرة على ميدان مينوتكا وهو مفترق طريق رئيسي يؤدي الى قلب المدينة ضروري لتحقيق مزيد من التقدم للقوات الروسية. غير ان تلفزيون ان تي في قال انه في قتال المدن الذي يمكن ان يعرقل فيه قناص ماهر تقدم سرية كاملة فإن 500 متر طريق طويل ولم يكن الجنود متفائلين بامكان تحقيق مكاسب اخرى سريعة. وقال المجاهدون الشيشان في موقع لهم على شبكة الانترنت ان معارك شرسة تدور رحاها في حي ستاريا سونجا على الحدود الشماليةالشرقية لجروزني حيث مني الجانبان كلاهما بخسائر. ونقلت انترفاكس عنهم قولهم انهم حولوا كل المجمعات السكنية التي تتألف من تسعة طوابق والمحيطة بميدان مينوتكا الى حصون حقيقية وانهم يستخدمون العديد من الممرات تحت الارض فيما بينها طرق امداد مغطاة. وتسببت الحملة في الشيشان في المزيد من الضغوط على روسيا من جانب المجلس الاوروبي الذي يراقب اوضاع حقوق الانسان. وطلب الحزب الشعبي الاوروبي بتعليق حقوق الوفد الروسي في البرلمان الاوروبي وايد هذا الاقتراع عشرة اعضاء على الاقل من خمسة وفود مختلفة. وخلافا لمعاناتها العسكرية والسياسية بسبب مواصلتها هجومها العسكري على الشيشان تعاني روسيا أزمة اقتصادية بسبب تكاليف الحرب,, وعلاوة على ذلك ما اتخذته دول الاتحاد الاوروبي من عقوبات اقتصادية ضد روسيا بسبب مواصلتها حملتها العسكرية التعسفية ضد الشيشان,, وكان رد موسكو عنيفا على تلك الاجراءات التي اتخذها الاتحاد الاوروبي. وقال ألكسندر ياكوفينكو المتحدث باسم وزارة الخارجية ان ربط خلافات الرأي السياسي بالتجارة والعلاقات الاقتصادية هو امر غير مناسب . واضاف ان مثل تلك الاجراءات تهدد بإلحاق الضرر بالاتحاد الاوروبي مثلما ستضر بروسيا، التي سيتعين عليها ان ترد بالمثل , مضيفا ان موسكو تعد اجراءاتها المضادة اللازمة لحماية المصالح الروسية . وكان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الخمسة عشر قد قالوا ان الاعتمادات المخصصة لتمويل مشاريع المعونة الفنية لروسيا والتي تبلغ 90 مليون يورو 90 مليون دولار ، سوف يتم اعادة تخصيصها، كما سيتم تجميد اتفاقيات التجارة التفضيلية مع روسيا التي تبلغ قيمتها 60 مليون يورو. وكان من المتوقع ان يلقي وزير الخارجية الروسي ايجور ايفانوف كلمة أمام جلسة خاصة للمجلس الاوروبي في ستراسبورج يأمل فيها ان يزيل سوء الفهم بخصوص العملية الروسية العسكرية في الشيشان. واخيرا لجأت روسيا الى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يربو على 2500 مليون دولار لمجابهة التكاليف المالية لحملتها العسكرية الوحشية على الشيشان. فقد اعلن مسؤول في وزارة المالية الروسية الاربعاء الماضي ان بلاده تأمل في الحصول من صندوق النقد الدولي على قرض يقسط على اربع دفعات قيمة كل منها 640 مليون دولار, وقال انطون سيلوانوف رئيس الدائرة الاقتصادية ان وزارة المال تتفهم جيدا ان الامر يتعلق بفرضية متفائلة للغاية لكن لا يمكن وضع برنامج العام ألفين الا في ظروف كهذه . لكن احد المسؤولين في موسكو لا يتوقع ان تستأنف عمليات دفع القروض في وقت سريع, ويعترف المسؤولون الروس بأن الاشهر الاولى على الاقل من السنة الحالية ستكون صعبة.