الإصلاح غاية الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}هود88 لأنه أساس الدين وبه تصان حرمات الله ويحمي شرعه ويعز الحق وأهله ويذل الباطل وأهله. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} هود117. والإصلاح دعوى المنافقين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}البقرة. ولكن هل عدم المسلمون وسائل الإصلاح والنصح والمكاشفة والشفافية والصبر على ذلك ولم يبق إلا طريق المنافقين في إصلاح الجدار بهدم السقف أو إصلاح النوافذ بتحطيم الأعمدة والقواعد؟ إنها مصيبة كبيرة حينما يعبث في العقول فساداً من يدعي الإصلاح وهو يريد الفساد أو لا يدري بجهله عواقب ما يسميه إصلاحاً على طريقة المنافقين. هل من الإصلاح أن تبني فصلاً وتهدم مدرسة وهل لمن الإصلاح أن تبني عيادة وتعطل مستشفى بكامله؟ هل من الإصلاح أن تسعد بيتاً وتشقي أمة.. هل من الإصلاح أن تؤسس حزباً وتفرق شعباً.. هل من الإصلاح أن تلجأ إلى عدو الله فتواليه لتفرق القبائل والأسر والناس أجمعين؟ من النفاق أن ننكر وجود الخلل والخطأ والخطيئة ولكن هل خلا مجتمع في عصر من العصور من الفساد أياً كان نوعه؟ وهل الطريقة المثلى لإصلاح الخلل والفساد هي تدمير عامر البناء.. متى أصبح الطريق إلى محاربة الرذيلة هو تحطيم ما تبقى من الفضيلة.. ومتى أصبح الطريق إلى إصلاح الخطأ هو تخريب ما بقى من الصواب؟ - لا يجهل أحد أننا في أعين الأعداء مصدر الإرهاب والتطرف ومحور الشر, بل يرى الأعداء أننا لا نستحق الثروات المخزونة تحت أرضينا, وقد صرح أحدهم بقوله: «إن الغلطة الإلهية وجود النفط في أراضي أصولية» نسأل الله العافية إذا نتفق أننا نواجه عداوة صريحة من أعدائنا وهذه العداوة لم تستثن أحداً من حاكم أو داعية أو عالم إذ الكل في نظرهم متطرفون أصوليون داعمون للإرهاب فهل من العقل أن تكون مع أعدائنا ضد بلادنا أن.. تكون مع أعدائنا ضد علمائنا.. مع أعدائنا ضد قياداتنا وولادة أمرنا؟ وهل الخلاف فيما بيننا أو قصورنا عن بلوغ التمام نحو الواجب يسوغ الهراء من السخافات والأكاذيب والمبالغات التي لا دليل عليها سوى المزابل وصناديق الصرف الإلكتروني، حيث تسمع وترى ولكن بدون وجود أو أسماء أو كلمات توثيق. في زمن الفتن تتقلب الموازين وتتعدد وسائل التفرقة وتتضارب الأفكار والآراء والكل يدعي المصداقية والوضوح ويتم رمي التهم جزافاً على العلماء المخلصين ويتبنى بعض أنصاف المتعلمين أفكاراً منحرفة ويأخذ بها السفهاء المتحمسون حماساً غير منضبط، ويقعون فيما لا يحمد عقباه، من تكفير، واستحلال للدماء، وخروج على الدولة من حكام وعلماء فما رأيكم بذلك؟ إن من الفتن التي تدع الحليم حيران ذلك الخلط واللبس في فهم الإسلام إلى حد تقلب فيه المقاصد ليسعى من لا حظ له في الفقه والفهم الصحيح للدين ومقاصد الشريعة إلى تحصيل المفاسد ودفع المصالح من حيث يدري أو لا يدري. من ذا الذي يدعي أنه على منهج الإسلام وهو يقدم على سفك دم مسلم وإزهاق روحه وإتلاف بدنه. في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا» وفي الصحيحين أيضاً قوله صلى عليه وسلم «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» أليس المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، أليس المؤمن ذلك الذي يأمن جاره بوائقه؟ أليس المسلم بأخ لأخيه المسلم لا يسلمه ولا يقتله ولا يحقره؟ بحسب أمري من الشر أن يحقر أخاه المسلم. إذا كانت هذه صفات المسلمين فانظروا إلى أي مدى بعدت هذه الأيدي الآثمة والتصرفات الخاطئة عن الإسلام بمثل هذه التصرفات. هل من الأمر بالمعروف القيام بقتل الأبرياء وسفك الدماء متى شرع في الإسلام إحراق الممتلكات وإحداث التفجيرات في أماكن خالية أو يكون فيها الرجال والنساء والأطفال من المسلمين وغير المسلمين بلا ذنب ولا جرم وترتكب في حقهم تلك الفجائع؟ هل هم مستحقون لذلك شرعاً؟ ألم ينه رسول صلى الله عليه وسلم عن قتل شيوخ المشركين وأطفالهم ونسائهم حتى في حالة الحرب؟ روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان، وفي حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « انطلقوا بسم الله، وبالله وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلا صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وصموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» رواه أو داود. وفي حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما «لا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع «هل في القرآن دليل أو في السنة ما يجيز قتل أقوام دخلوا مستأمنين غير حربين والله عز وجل بقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. فكيف يسوغ للمسلم أن يقتل النساء والصبيان وغيرهم من المسلمين أو غير المسلمين من دون ذنب أو جريمة {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}النساء. ألم يسمع قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «من قتل نفساً معاهدة لم يرح رائحة الجنة؟» ولا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً واحة الأمن الفكري: إنني لأستغرب أن يوصم الإسلام بالإرهاب والإسلام حرم قتل النفس مهما كانت هذه النفس من أجل أعمال شرذمة قليلة. [email protected] - drmohamadalhdla@ تويتر باحث في الشؤون الأمنيّة والقضايا الفكريّة ومكافحة الإرهاب