لعل الذاكرة المؤسسية لشركتك تعرقل أداء هذه الأخيرة، وتتسبّب بنشوء سياسات بائدة، وإطلاق افتراضات زائلة، وإنتاج منتجات وخدمات متخلّفة في أدائها. وقد تنتج عن الذاكرة المؤسسية توجهات تبدأ باحتلال مكانة راسخة في عمليات التخطيط، والتركيبات المؤسسية، والسياسات المرتبطة بالموارد البشرية - وقد يتحول هذا كله إلى عبء، عندما تحاول الشركة الانتقال إلى إستراتيجية غير خطية. لقد عانت شركة «ريسيرش إن موشن» من عبء مماثل مرتبط بالذاكرة المؤسسية - وصعب عليها التخلي على قائمة المفاتيح الملموسة في أجهزة «بلاكبيري»، في حين انتقل قطاع الهواتف الجوالة كله إلى الشاشة اللمسية. والأمر سيان بالنسبة إلى «مايكروسوفت» - التي لم تتمكن من التوقف عن التفكير بالكومبيوتر المكتبي على أنه جهاز الحوسبة الرئيسي، في حين انتقل ما تبقّى من العالم إلى أجهزة الكومبيوتر المنقولة. كيف تتحرر المؤسسات الراسخة من قبضة الذاكرة المؤسسية؟ فلننظر إلى الطريقة التي تمكّنت فيها «إنفوسيس» من القيام بذلك. وكانت «إنفوسيس» توفر في الأساس خدمات تقتصر على مجال تكنولوجيا المعلومات. إلا أن الشركة لاحظت أن عملاءها الأكثر تطلّباً كانوا محبطين لاضطرارهم إلى العمل بصورة متزامنة مع شركات خدمات متعددة، وقد افتقر كل منها إلى مساءلة كاملة. وأدركت «إنفوسيس» أن هذا الإحباط يحمل في طياته الأسس الضرورية لانتقال حيوي نحو إستراتيجية غير خطية. ورأت المؤسسة أنها بحاجة إلى شركة قادرة على توفير خدمات استشارية في مجال الإدارة وعلى إعادة تصميم عملياتها، مع مواصلة تطوير أنظمة تكنولوجيا المعلومات وتركيبها وصيانتها. عندما قررت «إنفوسيس» التحوّل إلى هذا شركة من هذا النوع، أدركت أن ذاكرتها المؤسسية ستشكّل عبئاً. وبالتالي، أنشأت «إنفوسيس» مؤسسة موازية مع فريق عمل مختلف، وعمليات مغايرة. وركّزت على ثلاثة مجالات: - صنع الاستراتيجيات: بدلاً من اللجوء إلى الاستقراء الخطّي بالاستناد إلى الماضي باللجوء إلى تحليل حثيث للبيانات، ركّزت الشركة على ترقّب التحوّلات غير الخطية من خلال إشراك الأصوات غير التقليدية على غرار تلك التي تعود إلى أهم العملاء والجيل الشاب. المساءلة: بدلاً من التركيز على التسليم في الوقت المناسب ووفقاً لما تنص عليه الموازنة، ركّزت «إنفوسيس» على التجارب المنظّمة مع التركيز على التعلّم السريع. - التصميم المؤسسي: بدلاً من محاولة تعزيز التعاون من خلال التركيز على متطلبات الوظيفة وإجراءات العمل والتصميم المؤسسي، شكّلت «إنفوسيس» فرقاً متخصصة فيها مزيج مناسب من «العاملين الخارجيين» لتحدّي الافتراضات القائمة. وبنتيجة هذا التحوّل الناجح، حققت «إنفوسيس» نمواً بواقع 25 ضعفاً ما بين العامين 2000 و2010 - أي من 200 مليون دولار إلى 5 مليارات دولار. وإن كنت تشعر أن التحوّلات غير الخطّية الكبرى في طريقها إلى سوقك، تذكّر أن «النسيان المؤسسي» قد يكون ضرورياً لمواجهة هذه التحدّيات بنجاح. (فيجاي غوفينداراجان هو أستاذ «إيرل سي داوم 1924» لمادة الأعمال الدولية في كلية «توك» للأعمال في «دارتماوث كولدج». وقد شارك كريس تريمبل في تأليف كتاب «الابتكار العكسي» Reverse Innovation. أما سريكانث سرينيفاس، فمستشار إداري متقاعد، وهو مؤلف كتاب «السرعة الصادمة» Shocking Velocity).