لكل تطور في كل مجال جانب سلبي وآخر إيجابي، فالأدوية والعقاقير مثال على ذلك حينما تستخدم في غير موضعها فإنها سم خالص قد يقتل متناوله أو يضر به، وهكذا الحال في عالم الإنترنت فإنه رغم ما قدَّمه لنا من تسهيل لتداول المعلومات وجعلها تتم في أقل من ثانية إلا أن قلة استغلت هذا التطور وألقت بشباكها لتصطاد في علم التطور وعلى حساب الثقة لتجعل الكثير يحجمون عن هذا التقدّم مما يجعل الدول تقف موقفاً صارماً من خلال سن الأنظمة والقوانين لتحارب ثلة الفساد وتحد من الجرائم المعلوماتية، فقامت المملكة العربية السعودية بسن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي صدر بقرار مجلس الوزراء رقم 79 وتاريخ 7-3-1428ه وصُودق عليه بالمرسوم الملكي رقم م/ 17 وتاريخ 8-3-1428ه وتضمن ست عشرة مادة تطرق فيها إلى تعريفات المصطلحات والمسميات والعبارات الواردة في النظام، وكذلك تطرق إلى أهداف النظام كالمساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي وحماية المصلحة العامة، والأخلاق، والآداب العامة، ثم تطرق إلى الجرائم المعاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال أو بإحداهما، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التنصّت دون مسوّغ نظامي والدخول غير المشروع إلى المواقع الإلكترونية والمساس بالحياة الخاصة عن طريق استخدام الهواتف النقَّالة المزوَّدة بالكاميرا، والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة، كما تطرق النظام إلى مجموعة من الجرائم الإلكترونية وعاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على مليوني ريال أو بإحداهما، ومن هذه الجرائم جريمة الاستيلاء للنفس أو للغير على مال منقول أو سند عن طريق الاحتيال أو اتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة، كما تطرق النظام إلى مجموعة من الجرائم المعلوماتية وعاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد على أربع سنوات وغرامة مالية لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحداهما لكل من يرتكب جريمة دخول غير مشروع لإلغاء بيانات خاصة أو حذفها أو تدميرها أو تسريبها أو إتلافها أو تغييرها أو إعادة نشرها أو إيقاف الشبكة المعلوماتية أو تعطيلها أو إعاقة الوصول إلى الخدمة بأي وسيلة كانت، كما تطرق النظام إلى مجموعة من الجرائم عاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة مالية لا تزيد على ثلاثة ملايين لمجموعة من الجرائم منها إنتاج ما من شأنه الماس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو إنشاء مواد إباحية أو مواقع للاتجار بالمخدرات، كما تطرق النظام أيضاً إلى مجموعة من الجرائم عاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو إحداهما، منها إنشاء مواقع لمنظمات إرهابية أو الدخول غير المشروع على أي جهاز للحصول على بيانات تمس الأمن الداخلي والخارجي للدولة أو اقتصادها الوطني. وتطرق النظام في مادته الثامنة إلى حالات لا تقل عقوبتها عن نصف حدها الأعلى وهي ارتكاب الجاني الجريمة من خلال عصابة منظّمة أو شغل الجاني وظيفة عامة واتصلت الجريمة بوظيفته أو ارتكب الجريمة مستغلاً سلطاته ونفوذه وكذا التغرير بالقصَّر ومن في حكمهم واستغلالهم وصدور أحكام مماثلة سابقة بالإدانة بحق الجاني، كما أن المنظّم لم يغفل عن من حرَّض أو ساعد أو اتفق على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام، بل عاقبه بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة، وبما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقرَّرة إذا لم تقع الجريمة الأصلية والشروع يعامل معاملة عدم الوقوع، والمنظّم ساعد وساند الجناة النادمين وجعل للمحكمة المختصة أن تعفيهم من العقوبات المقرَّرة عليهم متى ما بادروا بإبلاغ السلطات المختصة قبل العلم بالجريمة ووقوعها. كما تطرق النظام إلى مصادرة الأجهزة أو البرامج المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام والأموال المتحصّلة منها وأسند إلى هيئة التحقيق والادّعاء العام التحقيق في الجرائم الوارد في النظام وأسند إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقاً لاختصاصها تقديم الدعم والعون والمساندة التقنية للجهات الأمنية خلال مرحلة الضبط والتحقيق والمحاكمة. والنظام في شكله العام يبعث روح الطمأنينة والراحة النفسية لمستخدمي التقنية المعلوماتية ويقف سداً منيعاً في سبيل من تسوّل لهم أنفسهم المساس بالأشخاص طبيعيين كانوا أم اعتباريين، كما يجب علينا نحن كمختصين وضع أيدينا بأيدي الإعلاميين الشرفاء لنقف سداً منيعاً في وجه من تسوّل لهم أنفسهم العبث بأمن البلاد أو اقتصادها أو مقدراتها من خلال التوعية الدائمة.