انتحت ركناً قصياً في إحدى زوايا الشاطئ.. علَّها تغسل الأمواج في هدوئها ما علق بها من كدر اليوم.. الأيام.. ال.. شحنات كل شيء.. الوجوه التي تتحرك فيها عضلات الجباه، والشفاه.. وتستقطب الآذان ما انكب فيها، والأنوف ما تسلل إليها.. ترقبها تارة بنظرات، وأخرى بأصوات.. وثالثة بنكهات..! حاولت أن تنفض رأسها بشدة، أن تتخلص من كل العوالق.. ولو قليلاً.. أن تعود لصفحاتها البيضاء في أول مصافحة لها مع الماء.. مع الثرى.. مع الهواء.. بيد أن تلك المصافحة جاءت بكاءً.. ومن حولها يتقافزون فرحاً.. تنهدت تتعجب في دهشة.. ضحكة فرت من فمها.. التفتت فإذا عيون عديدة ترقبها مع أنها تلتحف الليل بالكاد تبين لها: أحزينة جاءت تبث همومها.. وشكواها للبحر..؟ أمبتلاة ترمي نجواها، وأدعيتها لموج البحر يحملها قصياً عنها..؟ أحائرة بين.. وبين..؟ فأي حد البرزخين أنجى..؟ لعل مسرى الماء يزيح بهدوئه ما اكتظ في ذهنها لتصفو الصورة.. وتنهج المسار..؟ أم مترفة جاءت للبحر لتسطو بفائضها على هدوئه..؟ أو لعلها ابنة الحياة بقضها، وقضيضها، ولها من الشأن فيها ما للعابر في كبد..؟!! لم يكد يستقر بها المقعد.. حتى أتتها يد تجذبها لسفرة الطعام..! تخرجها من دائرة الذات.. تنزلها من موجة الرحيل.. تقصيها عن التوحد بالفكرة.........!! وكثيراً ما يفعلون..!! عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855