كتبتُ لبعض أصدقائي وأنا في طريقي صباح يوم الأربعاء الماضي إلى معرض الكتاب رسالة عبر «الواتساب» أعبِّر فيها عن سعادتي: «أنا في طريقي إلى معرض الكتاب. محفظتي منفوخة بالفلوس. يا لها من متعة!». ذهبت إلى بوابة المعرض، وزحفت مع الزاحفين في الطابور، ثم دخلت القاعة المترامية الأطراف حيث تتجاور مئات الأركان التي يَعْرِض فيها الناشرون بضاعتهم من الكتب التي يسيل لها لعابُ كلِّ محبٍ للقراءة. كتب فوقها كتب وتحتها كتب! أينما يتجه بصرك ثمة كتب تشاغبك بعناوينها وألوان أغلفتها ومواضيعها المتنوعة؛ وما عليك إلا أن تحدد ما ترغب وما يستهويك ثم تفتح محفظتك وتأخذ كلَّ الذي تريده من هذه الكتب! أذهب كل مرة، مثل غيري من الناس، إلى معرض الكتاب وأشتري الكثير من الكتب مع أنني لم أقرأ بعد كل الذي اشتريته في العام الماضي، بل لم أقرأ حتى نصفه. ولكن من قال إن متعة الكتب هي فقط في قراءتها!؟ إنني أستمتع بقراءة الكتاب لكنني أستمتع أيضاً باقتنائه! أستمتع بالحصول عليه، ووضعه على الرف في مكتبتي المنزلية، والعودة إليه بين الحين والآخر، وتقليب صفحاته. أقرأ منه ورقة أو ورقتين، أو أقرأ فصلاً أو فصلين، أو أقرأ الكتاب من الغلاف إلى الغلاف. وفي كل الأحوال أشعر بمتعة لا حدود لها! لا تستخسر شراء كتاب جيد واقتناءه! أنت لا تعلم متى ستقرأ الكتاب ولا تعلم متى ستحتاجه. قد تقرأه فوراً بعد شرائه، وقد لا تقرأه إلا بعد سنوات. لكنك في الغالب ستحتاجه في وقت من الأوقات. بل إن مجرد وجوده على رفوف مكتبتك يدخل السعادة إلى قلبك. تذكر أن وليمةً صغيرة متواضعة تدعو إليها أصدقاءك في مطعم من الدرجة المتوسطة تكلفك أكثر مما تكلفك حقيبة مكتنزة بالكتب الرائعة! حتى الحذاء - أعزك الله - الذي تضعه في قدمك وتدوس به على الأرض يكلفك أكثر مما تكلفك مجموعة من الكتب الراقية التي قد ترى أنها فادحة الثمن وهي في الواقع لا تقدر بثمن. معرض الرياض الدولي للكتاب نعمة كبيرة وفَرْحَة جميلة ننتظرها كل عام بفارغ الصبر. قابلت الصديق الدكتور عبدالله الجاسر نائب وزير الثقافة والإعلام بالصدفة في أروقة المعرض وقلت له شكراً على هذا الجهد العظيم. وأقول شكراً للوزير الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام، وشكراً لصديقنا الرائع الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة. وألف شكر للجنود المجهولين والمعروفين ممن يبذلون جهوداً رائعة لإنجاح المعرض. معرض الرياض الدولي للكتاب مفخرة للرياض وللبلد كلها حتى مع كل الهنات التي قد نتحدث عنها في جلساتنا أو ما نكتبه في الصحف ووسائل الإعلام، وهو حلمٌ انتظرناه طويلاً قبل أن نراه على أرض الواقع؛ فهنيئاً لنا بهذا المعرض الذي أجزم أنه سيتطور عاماً بعد عام وسيستفيد من تجاربه ورصيد نجاحاته وإخفاقاته أيضاً. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض