لن تألو القاعدة ومن والاها من الإخوان الجدد من العمل على تثوير المجتمع، ففي حين تركَّز الفكر الإخواني سابقاً في بعض أبناء الحاضرة، فإن من ينتمون للقبائل في السعودية ظلوا وفيين للعهد والولاء الذي أبدته قبائلهم مع الملك عبد العزيز - رحمه الله - في بدايات تأسيس المملكة.. حتى وإن ظهر اسم جهيمان في حادثة الحرم 1980، فإن ذلك كان تكتيكاً أراد به ذلك التنظيم الإرهابي العمل على إضعاف عمليات الدفاع بتحريك الولاءات القبائلية، وعلى النقيض تماماً أدى وجود جهيمان على هرم التنظيم إلى تأجيج الغضب القبائلي من الخيانة، خصوصاً أن جهيمان ينتمي لأحد القطاعات الأمنية، فأبدى أبناء القبائل وبالذات قبيلة عتيبة التي ينتمي لها جهيمان حماساً واستعداداً مضاعفاً لبذل أرواحهم، وأبدوا إقداماً منقطع النظير وبادروا في تنفيذ عمليات قوية وشجاعة، التزاماً بالواجب الوطني أولا ولتطهير الحرم ثانياً ولتخليص القبيلة من العار الذي ألحقه بها جهيمان، فاستشهد الكثير من القيادات العسكرية في هذه الواقعة التاريخية الشهيرة. ومن ثم توالت محاولات أخونة وتقعيد القبائل بعد حرب الخليج الثانية 1990، وتم تنصيب بعض من ينتمون للقبائل الأشهر في السعودية في مواقع مهمة من بناء القاعدة التنظيمي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في 2001، وما أتى بعدها من حوادث إرهابية في السعودية سعياً لتثوير القبائل وإدارة رحى المعركة من كونها بين دولة مستقرة وتنظيم إرهابي يبحث عن السلطة عبر إثارة الفتنة إلى معركة بين القبيلة والدولة. ولما فشل هذا الاتجاه فشلاً ذريعاً، حيث سارعت القبائل لإعلان البراءة من أبنائها العاقين لوطنهم، الخارجين عن الاتجاه الإسلامي الذي يلعن مثيري الفتن، بل إن قوائم الشهداء من العسكريين جنود الوطن الذين فتحوا صدورهم لرصاص القاعدة، وكانوا سداً منيعاً وسياجاً أسهم بتطهير المملكة من موجة الإرهاب الثانية. الموجة الثالثة من الإرهاب التي يتحالف فيها الإخوان وبقايا القاعديين وهي التي ظهرت بالتزامن مع الثورات العربية مستغلة المضاعفات الجانبية لسياسة الاحتواء والمناصحة التي كانت تظن أن الحوار والنصح قد يغيّر من اتجاهات هؤلاء، ويقيهم من المحاكمات والعقوبات وهي سياسة رؤوم تعاملت بها الجهات الأمنية مع الإرهابيين فكراً أو فكراً وعملاً، حتى إن إرهابية تقضي فترة محكوميتها في بيتها بدلاً من السجن! وهو ما يثبت احترام وزارة الداخلية للثقافة الاجتماعية الذي أدى بالتالي إلى تأجيل المحاكمات، ومن ثم تضخم الملف فاستبدل الإخوان وبقايا القاعديين ومن والاها مصطلح الإرهابيين بالمعتقلين، وظلوا يلوحون به لإثارة الفتن وما اعتصام بريدة إلا نموذجٌ. كما أن محاولة استغلال ملف فقر القبائل خصوصاً في المناطق النائية باتت واضحة للعيان، وأمثلتها كثيرة فإما بضم عناصر قبائلية إلى تنظيماتهم والمنافحة عنهم وجعلهم في الواجهة، وإما في استثارة مشاعر النخوة بالحديث عن حالات فقر وعوز لا ترتضيها نخوة القبيلة وعزتها. إن توعية الناس وتسمية الأمور بمسمياتها ومعالجة الملفات أولاً بأول وممارسة الشفافية في المحاكمات وتعزيز الولاءات الوطنية والعمل على محاربة المناطقية، وتساوي الفرص بين كل المواطنين سيسهم ولا شك في تشكيل رأي عام نابذ لممارسات الإرهاب وأفكاره. لا بد أن تدرك الأجيال الجديدة أن رجالات هذه الأرض دفعوا أثماناً كبيرة منذ التأسيس إلى يومنا هذا كي نحظى بما وصلنا إليه من استقرار وأمن في وطننا الغالي. ولن نقبل أن تتلاعب باستقرارنا أصابع خفية طامعة تتخذ من الدين ذريعة لتشبع شهوة السلطة لديها على حسابنا. [email protected] Twitter @OFatemah