الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس قمة شامخة في الأدب والتاريخ والجغرافيا وما يدور في فلك العلم والمعرفة عشقه الذي ملك عليه أقطار نفسه، واستحوذ على كل أحاسيسه ومشاعره وتطلعاته، إنه شخصية علمية فريدة تعددت مواهبه، وتنوعت قدراته العلمية والمعرفية وحينما تجلس إليه في مجلس علم وأدب وتاريخ وجغرافيا وأنساب يغمرك بفيض من عطائه العلمي فيما هو من دائرة اختصاصه، وحينما نؤرخ لرواد العلم والأدب في بلادنا يأتي ابن خميس في منظومة عقد جواهري من الرواد يتوج بلادنا علماً وثقافة وأدباً، ولا غرو فقد كان نبتة يانعة في أرض نجد المعطاءة نشأ وترعرع على ثراها، واستنشق صباها وملك عليه أقطار نفسه، وانعكس هذا العشق والهيام على شخصيته، وعلى نتاجه المعرفي، فمن حيث شخصيته تراه يختار لنفسه في مستهل مسيرته الثقافية لقباً هو -فتى اليمامة) ومن حيث نتاجه المعرفي نجده يعكف على تدوين أكثر من كتاب يدبّج فيه ما وعته ذاكرته وما انتهى إليه بحثه وعلمه حول تاريخ اليمامة وجغرافيتها، ويظهر ذلك بجلاء في كتابه (تاريخ اليمامة) في سبعة أجزاء ويعد مصدراً هاماً في بابه، وكذلك كتابه (معجم اليمامة) في جزءين ويتناول فيه المعالم الجغرافية في بلاد اليمامة يلقى الضوء عليها، ويسعى إلى تحديد أماكنها قديماً وحديثاً، ويصدر في ذلك عن خبرة فائقة ودراية تامة تساندها الدراسة الميدانية بالمعاينة والمشاهدة، وحول اليمامة والحجاز يأتي كتاباه كتاب (بين اليمامة والحجاز)، وكتاب (على ربى اليمامة) وفي هذا الإطار وحيث الدراية والمعرفة الواسعة في مجال الجغرافيا المكانية حظيت الجزيرة العربية بنصيب وافر من الدراسات والمؤلفات التي تتجه نحو الإفصاح عما تعج به من معالم وأماكن تحتاج إلى من يقف على تحديدها وبيان ما يتصل بها من تاريخ وأحداث ووصف لأرضها وجبالها ووهادها ووديانها وأشجارها وله في هذا الصدد باع طويل يلتقي فيه مع العلامة حمد الجاسر في جانب الدراسات والبحوث المتعلقة بالجغرافيا المكانية التي صار فيها حجة ومرجعاً. ويتخلى ذلك في عدد من المؤلفات للشيخ عبدالله بن خميس، وهي كتاب (معجم جبال الجزيرة) في خمسة أجزء، وكتاب (معجم أودية الجزيرة) في جزءين، وكتاب معجم رمال الجزيرة، وقد جمع الشيخ ابن خميس بين موهبتين يلتقيان أحاسيس ومشاعر ويختلفان لهجة، وهما موهبة الشعر العربي الفصيح حيث ظهرت بوادر موهبته الشعرية في وقت مبكر وهو في الخامسة عشرة من عمره، وهيوهبة تميزت بالجزالة والأصالة وجاءت قريحته بفيض من الأحاسيس والمشاعر التي جال فيها رحاب مناسبات وطنية ووصف للطبيعة ورثاء الأحباب والأعزاء، وتمتد هذه الموهبة إلى لون شعري آخر هو الشعر النبطي وله في ذلك باع طويل قولاً ودراسة كما يظهر من كتابه (الأدب الشعبي في جزيرة العرب) وكتابه (راشد الخلاوي)، وكتابه (أهازيج الحرب أو شعر العرضة)، ومما يؤكد سعة اطلاعه في الشعر وإحاطته بقائليه قديماً وحديثاً برنامجه الإذاعي - من القائل) الذي أصدره بعد ذلك في كتاب يقع في أربعة أجزاء، وله مقالات وبحوث ومحاضرات عديدة أصدر قدراً منها في كتب. ومن هذه العجالة التي هي غيض من فيض يتبين مدى ما وصل إليه شيخنا وأستاذنا من مكانة علمية وأدبية مرموقة تجلت في مؤلفاته العديدة التي أسهم فيها بوضع معلومات قيّمة بين يدي الباحثين والدارسين المهتمين بالدراسات المكانية والتاريخية والأدبية والنقدية وإن طويت صفحته من الدنيا الفانية إلا أنه سيبقى قامة سامقة لا تنسى، واسما لامعاً يتردد مع كل صفحة تغمرنا بعطائه المعرفي والأدبي رحمه الله رحمة واسعة. أ.د عبدالله بن عبدالرحمن عسيلان / رئيس النادي الأدبي بالمدينة المنورة