ماذا لو كان السيد فلاديمير جيرينوفسكي رجلاً عاقلاً غير مجنون؟ وماذا لو كانت «تخريفاته» التي أدلى بها للصحفيين صحيحة وليست من وحي «نظرية المؤامرة» كما يتهمه خصومه السياسيون؟ لقد أعادت حادثة سقوط النيازك على روسيا إلى الأضواء مجدداً السياسي الروسي الذي غاب طويلاً عن المتابعات الإعلامية، وهو السيد فلاديمير جيرينوفسكي. وقد كان جيرينوفيسكي نجم الصحافة والإعلام في سنوات سابقة عندما كانت آراؤه السياسية الغريبة التي تشبه آراء وتصريحات معمر القذافي تحتل عناوين الصحف في روسيا وفي مختلف أنحاء العالم. يعتقد جيرينوفسكي أن النيازك التي ضربت بعض المناطق في روسيا الأسبوع الماضي، وتسببت في خسائر مادية ووقوع عدد كبير من الجرحى، هي في الواقع ليست نيازك وإنما أسلحة أمريكية كان يتم تجريبها في السر، وبشكل بالغ التكتم!! هذا كلامٌ كبير جداً حتى وإن جاء من سياسي متهم بأنه مخبول! فماذا لو ثبت أن الولاياتالمتحدة كانت بالفعل تجري اختبارات سرية على أسلحتها، ثم خرجت التجربة عن مساراتها المحددة بسبب حسابات وأخطاء غير متوقعة؟ أتذكر أن إحدى المحطات التلفزيونية الأمريكية عرضت قبل سنوات فيلماً وثائقياً مرعباً عن التجارب النووية التي أجرتها سراً الحكومة الأمريكية في مواقع نائية من الولاياتالمتحدة، وما نجم عنها من أضرار فادحة للبشر وللبيئة الطبيعية المحيطة بمكان التجربة. هذا يعني أن هناك تجارب فظيعة وخطيرة يتم إجراؤها في الخفاء من أمريكا ومن غير أمريكا، ولو كانت الشعوب تعرف عن هذه التجارب لوقفت في وجه إجرائها. أما روسيا، ومنذ زمن الاتحاد السوفييتي، فقد كانت تجري تجارب خطيرة دون أن تهتم بما تتركه من تدمير للبيئة الطبيعية وللبشر. ولم يكن أحدٌ يجرؤ هناك على الكلام حتى لو تسربت أخبار التجارب النووية والكيميائية الخطيرة بسبب القمع والترهيب في ظل الدولة البوليسية! وفق كل المعطيات، وما تم نشره وبثه إعلامياً، لا يبدو أن زخات النيازك المتشظية التي انتشرت في أجواء روسيا لها أي علاقة بتجارب أمريكية سرية مزعومة، خاصة عندما يأتي الاتهام من رجل مثل جيرينوفسكي. لكن الكارثة فوق التصوُّر والاحتمال لو ثبت أن العالم أصبح الآن مَسْرحاً مُشْرعاً للمغامرات والتجارب النووية الكونية! ربما الأحوط أن يأخذ العالم الحكمة من فم جيرينوفسكي! ألم يقل القدماء: «خذوا الحكمة من أفواه المجانين»؟ [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض